للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثٌ أولُ لإسحاقَ عن أنس، مُسنَدٌ

مالكٌ (١)، عن إسحاقَ بنِ عبدِ اللَّه بن أبي طلحة، أنَّه سمِع أنسَ بنَ مالكٍ يقول: كان أبو طلحةَ أكثرَ أنصاريٍّ بالمدينةِ مالًا من نَخْل، وكان أحبَّ أموالِه إليه بَيْرُحاءَ (٢)، وكانت مستَقْبِلةَ المسجد، وكان رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يَدخُلُها ويشرَبُ من ماءٍ فيها طيِّب. قال أنسٌ: فلمّا أُنزِلَت (٣) هذه الآية (٤): {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: ٩٢]، قام أبو طلحةَ فقال: يا رسولَ اللَّه، إنَّ اللَّهَ يقول: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}، وإنَّ أحبَّ أموالي إليَّ بَيْرُحاءُ، وإنَّها صدقةٌ للَّه أرجُو برَّها وذُخرَها عند اللَّه، فضَعْها يا رسولَ اللَّه حيثُ شئْتَ. قال: فقال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "بَخٍ! ذلكَ مالٌ رابحٌ، ذلك مالٌ رابحٌ، وقد سمِعتُ ما قلتَ فيه، وإنِّي أرَى أن تجعَلَه في الأقْرَبين". فقال أبو طلحة: أفعلُ يا رسولَ اللَّه. فقَسَمَها أبو طلحةَ في (٥) أقاربه وبني عمِّه.


(١) الموطّأ ٢/ ٥٩٤ - ٥٩٥ (٢٨٤٥).
(٢) قال القاضي عياض في مشارق الأنوار ١/ ١١٥: "اختلف الرُّواة في هذا الحرف وضبطه، فرويناه بكسر الباء وضمِّ الراء وفتحها، والمدّ والقصر، وبفتح الباء والراء معًا، ورواية الأندلسيِّين والمغاربة بيْرُحاء بضمِّ الراء وتصريف حركات الإعراب في الراء، وكذا وجدتها بخطِّ الأصيليّ، وقالوا: إنها (بير) مضافة إلى (حاء) اسمٌ مركّبٌ"، ثم نقل عن أبي عبيد البكري وأبي الوليد الباجي وغيره وجوهًا في ضبطه، ثم قال: "وبكسر الباء وفتح الراء والقصر ضبطناها في الموطأ على ابن عتاب وابن حمدين وغيرهما".
وقال الباجيُّ: "وقرأنا هذه اللفظة على أبي ذرّ رضي اللَّه عنه بيرحاء بفتح الراء في معنى الرفع والنصب والخفض والجمع، واللفظتان اسمٌ للموضع، وليست بئرٌ مضافة إلى موضع" المنتقى شرح الموطأ ٧/ ٣١٩. وينظر: عمدة القاري للعيني ٩/ ٢٩، فقد أسهَبَ في ذكر جميع وجوه الاختلاف في ضبطها ومعناها.
(٣) في الأصل: "نزلت"، والمثبت من ق، وهو الذي في الموطأ، وكتب ناسخ ق فوقها "معًا"، يعني: "نزلت" و"أنزلت".
(٤) "هذه الآية" من ق، وهي كذلك في الموطأ.
(٥) في ق: "بين"، والمثبت من الأصل، وهو الموافق لما في الموطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>