للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بابُ ذِكْرِ ما للعُلماءِ من الأقْوالِ والمذاهِبِ في أحْكام الأطفالِ في دارِ الدُّنيا

قال أبو عُمر: ذكَرَ المروزِيُّ وغيرُهُ: أنَّ أهل العِلم بأجمعِهِم قدِ اتَّفقُوا على أنَّ حُكمَ الأطفالِ في الدُّنيا، حُكمُ آبائهِم، ما لم يبلُغُوا، فإذا بَلغُوا، فحُكمُهُم حُكمُ أنفُسِهِم.

قال أبو عُمر: أمّا أطفالُ المُسلِمِينَ، فحُكمُهُم حُكمُ آبائهِم أبدًا، ما لم يبلُغُوا؛ لأنَّهم (١) لا يلحقُهُم سِباءٌ (٢) من قِبَلِ مُسلِم، فيُغيَّرُ حُكْمُهُم عِندَ المُسلِمِين، فهُم كآبائهِم أبدًا في المَوارِيثِ، والنِّكاح، والصَّلاةِ عليهم، ودَفْنِهِم في مقابِرِهِم، وسائرِ أحكامِهِم.

وكذلك أطفالُ أهلِ الذِّمَّةِ، كآبائهِم أيضًا في جميع أحكامِهِم، حتَّى يبلُغُوا، لا خِلافَ بينَ العُلماءِ في ذلك أيضًا.

وكذلك أطفالُ أهل الحَرْبِ كآبائهِم في أحكامِهِم، إلّا ما خصَّتِ السُّنّة منهُم ومن نِسائهِم: ألّا يُقتلوا في دارِ الحربِ، إلّا أن يُقاتِلوا؛ لأنَّهُم لا يُقاتِلُونَ في الأغْلَب من أحوالِهِم، والله عزَّ وجلَّ يقولُ: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ} [البقرة: ١٩٥]. فما دامَ أطفالُ أهلِ الحربِ لم يُسْبَوْا، فحُكمُهُم حُكمُ آبائهِم أبدًا، على حسَبِ ما ذكَرْنا، لا يختلِفُ العُلماءُ في ذلك.

واختلفَ أهلُ العِلْم قَدِيمًا وحديثًا في الطِّفلِ الحَرْبِيِّ يُسْبَى ومَعهُ أبواهُ، أو أحدُهُما، أو يُسبى وحدهُ: ما حُكمُهُ حيًّا وميِّتًا، في الصَّلاةِ عليه، ودَفْنِهِ، وسائرِ أحكامِهِ في حياتِهِ؟


(١) في ي ١، م: "لأنه".
(٢) في د ٢: "شيئًا". وفي م: "سبي".

<<  <  ج: ص:  >  >>