للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذهَبَ مالكُ بن أنسٍ، في المشهُورِ من مَذهبه: أنَّ الطِّفل من أولادِ الحربِيِّين وسائرِ الكُفّارِ، لا يُصلَّى عليه، سَواءٌ كان مَعهُ أبواهُ، أو لم يكونوا، حتَّى يعقِلَ الإسلامَ فيُسلِم. وهُو عِندَهُ على دِينِ أبوَيهِ أبدًا، حتَّى يبلُغَ، ويُعبِّرَ عنهُ لسانُهُ، فإنِ اختلَفَ دِينُ أبويهِ، فهُو عِندَهُ على دِينِ أبيهِ، دُون أُمِّهِ (١).

ومن الحُجَّةِ لمذهبه هذا، إجماعُ العُلماءِ: أنَّهُ ما دامَ مع أبوَيهِ، ولم يلحقهُ سباءٌ، فحُكمُهُ حُكمُ أبوَيهِ أبدًا حتَّى يبلُغ، فكذلك إذا سُبِي وحدَهُ، لا يُغيِّرُ السِّباءُ حُكمهُ، ويكونُ على حُكم أبوَيهِ، حتَّى يبلُغَ فيُعبِّر عن نَفسِهِ، ولا يُزِيلُ حُكْمَهُ عن حُكم أبوَيهِ، المُجتَمَع عليه، إلّا حُجَّةٌ من كِتابٍ، أو سنَّةٍ، أو إجماع.

وقولُ الشَّعبِيِّ وابنِ عَونٍ في هذا، كقولِ مالكٍ.

حدَّثنا عبدُ الوارثِ بن سُفيانَ، قال: حدَّثنا قاسمُ بن أصبغَ، قال: حدَّثنا عُبَيدُ بن عبدِ الواحِدِ، قال: حدَّثنا محَبُوبُ بن موسى. وحدَّثنا عبدُ الوارثِ، قال: حدَّثنا قاسمُ بن أصبغَ، قال: حدَّثنا ابنُ وضّاح، قال: حدَّثنا عبدُ الملكِ بن حَبِيبٍ المِصِّيصِيُّ، قالا: حدَّثنا أبو إسحاقَ الفَزارِيُّ، عن سُفيانَ، عن سَلَمةَ بنِ تمّام، قال: قلتُ للشَّعبِيِّ: إنِّي بخُراسانَ، فأبتاعُ السَّبي، فيَمُوتُ بَعضُهُم، أفيُصَلَّى عليهم؟ قال: إذا صلَّى، فصَلِّ عليه (٢) (٣).

قال أبو إسحاقَ: وسألتُ هشامًا وابن عَوْنٍ، عنِ السَّبيِ يمُوتُونَ وهُم صِغارٌ في مِلْكِ المُسلِمِين. فقال هشامٌ: يُصلَّى عليهم. وقال ابنُ عونٍ: حتَّى يُصلُّوا.


(١) انظر: النوادر والزيادات لابن أبي زيد القيرواني ١/ ٦٠٧، والإشراف لابن المنذر ٢/ ٣٥٠، والأوسط له ٥/ ٤٤٦، وبداية المجتهد ١/ ٢٥٥.
(٢) في م: "عليهم".
(٣) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف (٦٦٣٢)، وابن أبي شيبة (١١٩٩٦) من طريقين عن الشعبي، نحوه.

<<  <  ج: ص:  >  >>