للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حديثٌ تاسعٌ لسُهَيل

مالكٌ (١)، عن سُهَيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، أنه قال: كان الناسُ إذا رأَوْا أولَ الثمَرِ جاؤوا به إلى رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فإذا أخَذه رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "اللَّهُمَّ بارِكْ لنا في ثمرِنا، وبارِكْ لنا في مدينتِنا، وبارِكْ لنا في صاعِنا، وبارِكْ لنا في مُدِّنا، اللَّهُمَّ إنّ إبراهيمَ عبدُكَ وخليلُكَ ونبيُّك، وإنّي عبدُك ونبيّك، وإنّه دعاكَ لمكّةَ، وإنّي أدعُوكَ للمدينةِ بمثلِ ما دعاكَ به لمكّةَ ومثلِه معَه". ثم يدْعُو أصغَرَ وليدٍ يراهُ، فيُعطِيه ذلك الثَّمر.

وقد ذكَر البخاريُّ (٢)، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ المثنى، قال: حدَّثنا حسينُ بنُ الحَسن، عن ابنِ عَوْن، عن نافع، عن ابنِ عُمر، عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "اللَّهُمَّ بارِكْ لنا في شامِنا ويَمَنِنا"، قالوا: وفي نجدِنا، قال: "اللَّهُمَّ بارِكْ لنا في شامِنا ويَمَنِنا"، قالوا: وفي نَجدِنا، قال: "هناك الزلازلُ والفِتَنُ، وبها يطلُعُ قَرنُ الشيطان".

في هذا الحديثِ: اختصاصُ الرئيسِ وانتخابُه بأولِ ما يُطِلُّ من الفاكهة، إمّا هديةً وجلالةً وتعظيمًا ومحبّةً، وإما تبرُّكًا بدعائِه، والذي يغلِبُ عليَّ أنَّ ذلك إنّما كان من الصحابةِ رضوانُ اللَّه عليهم ليدعوَ لهم رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالبركة، وسياقُ هذا الحديثِ يدُلُّ على ذلك، والمعْنيانِ جميعًا مُحتَمِلان.

وأما دعاءُ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فمُجابٌ لا محالة. وقد ظنَّ قومٌ أنَّ هذا الحديثَ يدُلُّ على أنَّ المدينةَ أفضلُ من مكّة؟ لدُعاءِ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لها بمثلِ دعاءِ إبراهيمَ لمكّةَ ومثلِه معه. وهذا يُحْتَمَلُ لموضع دعاءِ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وموضعِ التضعيفِ في ذلك،


(١) الموطأ ٢/ ٤٦٢ (٢٥٩١).
(٢) في صحيحه (١٠٣٧). ابن عون: هو عبد اللَّه بن عون بن أرطبان البصري، ونافع: هو مولى عبد اللَّه بن عمر رضي اللَّه عنهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>