للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو عُمر: يَحتملُ أنَّ الإشارةَ بالألف واللام (١) في: "الكافر"، و: "المؤمن" في هذا الحديث إلى ذلك الرَّجل بعينِه (٢)، وإنما يحمِلُنا على هذا التأويل؛ لأن المُعاينة، وهي أصَحُّ علوم الحواسِّ، تدفَعُ أن يكونَ ذا عُمومًا في كلِّ كافرٍ ومؤمنٍ، ومعروفٌ من كلام العرب الإتيانُ بلفظِ العُموم والمرادُ به الخصوص، ألا ترى إلى قولِ اللَّه عزَّ وجلَّ: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ} [آل عمران: ١٧٣]. وهذه الإشارةُ في: "النّاسِ" إنّما هي إلى رجل واحدٍ أخبَر أصحابَ محمدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّ قريشًا جمَعت لهم، وجاءَ اللفظُ كما ترَى على العُموم؟ ومثلُه: {تُدَمِّرُ كُلُّ شَيْءٍ} [الأحقاف: ٢٥]، و {مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ} [الذاريات: ٤٢]، ومثلُ هذا كثيرٌ لا يجهَلُه إلا مَن لا عنايةَ له بالعلم.

وقد قيل: إنّه في كلِّ كافر، وإنه -لموضع التسميةِ- يقِلُّ أكلُه، وهذا تدفَعُه المشاهدةُ وعلمُ الضرورة، فلا وجهَ له.

وأمّا قولُه في هذا الإسناد: "عُبيد اللَّه الأغرُّ" فليس عُبيد اللَّه يُعرف بالأغرِّ، وإنّما يُعرَف بالأغرِّ أبوه، وهو عُبيدُ اللَّه بنُ سلمانَ الأغرِّ، وهو عُبيد اللَّه بنُ أبي عبدِ اللَّه الأغرِّ، وأبو عبد اللَّه الأغرُّ اسمُه: سلمانُ، واللَّهُ المُستعان.


(١) قوله: "واللام" سقط من الأصل، وهو ثابت في بقية النسخ.
(٢) يعني: جَهْجاه الغفاريّ، وذكر ابن بشكوال في غوامض الأسماء المبهمة ١/ ٢٢٨ أنّ كون هذا المُبْهَم هو جهْجاه هو الأكثر في الرواية، وردّه العراقي في شرح الترمذي فيما نقل عنه ابنه زين الدين في طرح التثريب ٦/ ١٩ أنه لا يصحُّ؛ لأن مدار الحديث على موسى بن عُبيدة الرَّبَذيّ، وهو ضعيف.
وجزم الخطيب في الأسماء المبهمة ٥/ ٣٤٩ أنه أبو بصرة الغفاري، وقيل غير ذلك، ينظر: المستفاد من مبهمات المتن لأبي زرعة أحمد بن عبد الرحيم العراقي ١/ ٦٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>