للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حديثٌ خامسٌ لحُمَيْد الطَّويل عن أنس متصلٌ صحيحٌ

مالكٌ (١)، عن حُميدٍ الطويل، عن أنسِ بنِ مالك، أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - حينَ خرَج إلى خيبرَ آتَاها ليلًا، وكانَ إذا أتَى قَوْمًا بليلٍ لم يُغِرْ حتى يُصْبحَ، فلما أصْبَحَ خرَجت يهودُ بمَسَاحِيهم ومَكَاتِلِهم، فلما رأوه قالوا: محمدٌ والله، محمدٌ والخَمِيسُ. فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "اللهُ أكبرُ، خَرِبَت خَيْبرُ، إنَّا إذا نزَلْنا بساحةِ قوم، فساءَ صباحُ المُنْذَرِين".

في هذا الحديث إباحةُ المَشْي بالليل، فإذا كان ذلك كذلك، جازَ الاستخدامُ بالمماليكِ والأحرارِ إذا اشتُرِط ذلك عليهم وكانت ضرورةً.

وفيه: إتعابُ الدوابِّ بالليلِ عندَ الحاجةِ إلى ذلك ما لم يكنْ سَرْمدًا؛ لأنَّ العِلْمَ محيطٌ أنَّهم لم يخْلوا مِن مملوكٍ يخدُمُهم، وأجيرٍ ونحوِ ذلك.

وفيه: أن الغارةَ على العدوِّ إنَّما ينبغِي أن تكونَ في وجهِ الصَّباحِ؛ لِما في ذلك من التَّبيينِ (٢) والنجاحِ في البُكور.

وفيه: أن مَن بَلَغتْه الدعوةُ مِن الكُفارِ لم يَلْزَمْ دُعاؤُه، وجازتِ الغارةُ عليه، وطلبُ غفلتِه وغِرَّتِه.

وقد اختلَف العلماءُ في دعاءِ العدوِّ قبلَ القتالِ إذا كانوا قد بَلَغَتْهم الدعوةُ؛ فكان مالكٌ رحِمه اللهُ يقولُ: الدعوةُ أصوبُ، بلَغَهم ذلك أو لم يَبْلُغْهم، إلَّا أن يُعْجِلوا المسلمين أن يَدْعوَهم. وقال عنه ابنُ القاسم: لا يُبَيَّتُوا حتى يُدْعَوا (٣).


(١) الموطأ ١/ ٦٠١ (١٣٤٥)، ومن طريقه أخرجه البخاري (٢٩٤٥) و (٢٩٤٥)، والترمذي (١٥٥٠)، وابن حبان (٤٧٤٦).
(٢) في ف ١: "التيمن".
(٣) تنظر المدونة ١/ ٤٩٦ فما بعد، والبيان والتحصيل ٣/ ٨٣ فما بعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>