للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حديثٌ أولُ لسُمَيٍّ

مالكٌ (١)، عن سُمَيٍّ مولى أبي بكر بنِ عبدِ الرحمن، عن أبي صالح السمّان، عن أبي هريرة، أنَّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "بينما رجل يمشي بطريقٍ إذ اشتدَّ عليه العطَش، فوجَد بئرًا فنزَل فيها (٢) فشَرِبَ فخرَج، فإذا كلبٌ يلهَثُ يأكلُ الثَّرى من العَطَش، فقال الرجلُ: لقد بلَغَ هذا الكلبَ من العَطَش مثلُ الذي بَلَغ منِّي. فنزل البئرَ فملأ خُفَّه، ثم أمسَكَهُ بفيه حتّى رقيَ فسقَى الكَلْبَ، فشكَر اللَّهُ له، فغفَر له". فقالوا: يا رسولَ اللَّه، وإنَّ لنا في البهائم لأجرًا؟ قال: "في كلِّ كبدٍ رَطبةٍ أجرٌ".

في هذا الحديث دليل على أنَّ الإساءةَ إلى البهائم والحيوان لا يجوزُ ولا يَحِلُّ، وأن فاعلَها يأثمُ فيها، لأنَّ النصَّ إذا ورد بأنّ في الإحسان إليهنَّ أجرًا وحسنات، قام الدليلُ بأنّ في الإساءة إليهن وِزرًا وذُنوبًا، واللَّهُ يعصِمُ مَن يشاء، وهذا ما لا شكَّ فيه ولا مَدفعَ له.

وقد روَى مالك، عن نافع، عن ابن عمر، أنَّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "دخَلتِ امرأةٌ النارَ في هِرَّةٍ ربَطتْها، فلا هي أطعَمتْها، ولا هي أطلَقتْها تأكلُ من خَشاشِ الأرض (٣)، حتى ماتت، فعُذِّبت في ذلك" (٤). فهذا يُبينُ لك ما قلنا، وهو أمرٌ لا تنازُع بينَ العلماء فيه.

وفي هذا الحديث دليلٌ على وجوبِ نفقاتِ البهائم المملوكةِ على مالكيها، وهذا ما لا خلافَ فيه أيضًا، ولا في القضاء به. والحمدُ للَّه.

حدَّثنا أحمدُ بنُ قاسم بنِ عبد الرحمن، قال: حدَّثنا قاسمُ بنُ أصبغَ، قال: حدَّثنا الحارثُ بنُ أبي أسامة، قال: حدَّثنا يزيدُ بنُ هارون، قال: حدَّثنا مهديُّ بنُ


(١) الموطّأ ٢/ ٥١٨ (٢٦٨٨).
(٢) قوله: "فنزل فيها" سقط من الأصل.
(٣) خشاش الأرض: هوامّها وحشراتها. المشارق ١/ ٢٤٧.
(٤) أخرجه البخاري (٢٣٦٥)، ومسلم (٢٢٤٢) من طريق مالك، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>