للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ميمون، عن محمدِ بنِ عبدِ اللَّه بنِ أبي يعقوب، عن الحسن بن سَعْد، عن عبدِ اللَّه بنِ جعفر، قال: أردَفني رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ذاتَ يوم خلفَه، فأسَرَّ إليَّ حديثًا لا أُخبرُ به أحدًا أبدًا، وكان رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أحبُّ إليه ما استتَر به في حاجتِه هدفًا أو حائشَ نَخْل، فدخَل يومًا حائطًا من حيطانِ الأنصار، فإذا جملٌ قد أتاه فجَرجَر (١)، وذرَفَت عيناه، فمسَح رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- سَراتَه وذِفْراه فسَكَن، فقال: "مَن صاحبُ الجمل؟ " فجاء فتًى من الأنصار فقال: هو لي يا رسولَ اللَّه. فقال: "أما تتَّقي اللَّهَ في هذه البهيمةِ التي ملَّكك اللَّهُ؟ إنه شكا إليَّ أنك تُجيعُه وتُدْئبُه" (٢).

ورُوِي هذا الخبرُ من حديث يعلى بن مُرَّة، عن أبيه، عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بمعنى حديثِ عبدِ اللَّه بنِ جعفر، وفيه: "فاستوصِ به خيرًا". قال: فقال صاحبُه: لا جرَمَ واللَّه، لا أُكرِمُ مالًا كرامتَه أبدًا (٣).

وأمّا قولُه: "ذَرَفتْ عيناه" فمعناه: قطَرت دموعُهما قَطْرًا ضعيفًا، و"السَّراةُ": الظَّهرُ. و"الذِّفْرَى": ما وراءَ الأُذنين عن يمينِ النُّقرةِ وشمالها، تُثَنَّى: الذِّفْريان، وتُجمعُ: الذَّفارَى. قال ذو الرُّمَّة (٤):


(١) قوله: "فجَرْجَر" الجرجرة: صوتٌ يردِّدُه البعير في حُنجرته. غريب الحديث لابن الجوزي ١/ ١٥٠.
(٢) أخرجه البيهقي في دلائل النبوّة ٦/ ٢٧ من طريق الحارث بن أبي أسامة، به.
وأخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى (القسم المتمم) ٢/ ١٣، وأحمد في المسند ٢/ ٢٧٣ (١٧٤٥) عن يزيد بن هارون، به. وهو عند مسلم (٢٤٢) (٧٩) و (٢٤٢٩)، وأبي داود (٢٥٤٩)، وابن ماجة (٣٤٠) من طرق عن مهدي بن ميمون، به.
(٣) أخرجه أحمد في المسند ٢٩/ ١٠١ (١٧٥٥٩)، والطبراني في الكبير ٢٢/ ٢٧٥ (٧٠٥) كلاهما من طريق حبيب بن أبي جبيرة عن يعلى بن سيابة (وهو يعلى بن مرّة، وسيابة أمّه)، به. وإسناده ضعيف لجهالة حبيب بن أبي جَبيرة لم يرو عنه غير عاصم بن بهدلة كما في التاريخ الكبير للبخاري ٢/ ٣١٤ (٢٥٩٥)، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم ٣/ ٩٧ (٤٥٧)، وذكره ابن حبّان وحده في الثقات ٦/ ١٧٨ (٧٢٤٩).
(٤) ديوانه ١/ ٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>