للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثٌ سابعٌ لابنِ شهابٍ، عن عُروةَ

مالكٌ (١)، عن ابنِ شهاب، عن عُروةَ بنِ الزُّبيرِ، عن عائشةَ، أنَّها قالت: ما خُيِّر رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في أمرَينِ قَطُّ إلَّا أخَذ أيسرَهُما ما لَمْ يكنْ إثْمًا، فإن كان إثْمًا، كان أبعدَ الناس منه، وما انتقَم رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لنفسِه قَطّ (٢)، إلَّا أن تُنتهَكَ حُرمةٌ للّه، فينتقِمَ للّه بها.

في هذا الحديثِ دليلٌ على أنَّ المرءَ ينبغِي له تركُ ما عَسُرَ عليه مِن أمورِ الدنيا والآخرةِ، وتركُ الإلحاح فيه إذا لَمْ يُضطرَّ إليه، والميلُ إلى اليُسرِ أبدًا، فإنَّ اليُسرَ في الأُمورِ كلِّها أحبُّ إلى الله وإلى رسولِه، قال تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: ١٨٥].

وفي معنَى هذا الحديثِ: الأخذُ برُخَصِ الله تعالى، ورُخَصِ رسولِه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، والأخذُ برُخَصِ العلماءِ ما لَمْ يكنِ القولُ خطأ بيِّنًا، وقد تقَدَّمَ مِن القولِ في هذا المعنَى في بابِ الفِطْرِ في السَّفرِ في حديثِ حُميدٍ الطويلِ (٣)، وفي بابِ القُبلةِ للصائمِ في بابِ زيدِ بنِ أسلمَ، من كتابِنا هذا ما فيه كفايةٌ (٤).


(١) الموطّأ ٢/ ٤٨٦ (٢٦٢٧).
وأخرجه عن مالك: أبو مصعب الزُّهري (١٨٨٢)، وعبد الرَّحمن بن القاسم (٤٣)، وسويد بن سعيد (٦٤٩)، وإسحاق بن عيسى الطبّاع عند أحمد في المسند ٤٣/ ٣٠٣ (٢٦٢٦٢)، وموسى بن داود الضبِّي عنده ٤١/ ٣٤٣ (٢٤٨٤٦)، وعبد الله بن مسلمة القعنبيّ عند البخاري (٦١٢٦)، وأبي داود (٤٧٨٥)، والجوهري في مسند الموطأ (١٦٧)، وعبد الله بن يوسف التنيسي عند البخاريّ (٣٥٦٠)، وعبد الرَّحمن بن مهدي عند أحمد في المسند ٤٢/ ٣١١ (٢٥٤٨٥)، وقتيبة بن سعيد، ويحيى بن يحيى النيسابوري عند مسلم (٢٣٢٧) (٧٧)، وإسماعيل بن أبي أويس عند البخاري في الأدب المفرد (٢٧٤)، وعبد الأعلى بن مسهر عند أبي يعلى في مسنده ٧/ ٣٤٥ (٤٣٨٢).
(٢) "قط" لَمْ ترد في المطبوع من الموطأ، وهي في التجريد.
(٣) سلف ذلك عند الحديث الأول لحميد الطويل عن أنس بن مالك رضي الله عنه.
(٤) سلف ذلك عند الحديث السادس والثلاثين لزيد بن أسلم عن عطاء بن يسار مرسلًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>