للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الضُّحَى أربعَ ركعاتٍ، ويزيدُ ما شاء (١). وهذا عندي غيرُ صحيحٍ، وهو مردودٌ بحديثِ ابنِ شهابٍ المذكورِ في هذا الباب.


(١) أخرجه عبد الرزاق في المصنّف ٣/ ٧٤ (٤٨٥٣)، وعنه أحمد في المسند ٤٢/ ٢١٣ (٢٥٣٤٨).
وأخرجه أحمد في المسند ٤١/ ١٨٢ (٢٤٦٣٨) و ٤١/ ٣٨٠ (٢٤٨٨٩) عن بهز بن أسد العمّي، عن همّام بن يحيى العَوْذيّ، عن قتادة بن دعامة، عن معاذة بنت عبد الله العدوية، به. وأخرجه برقم (٢٥٣٤٩) من طريق معمر عن قتادة قال: حدثتني معاذة العدوّية، فصرّح فيه بالتحديث، وأسانيد هذه الروايات حكمها صحيحة.
وهو عند مسلم (٧١٩) من طرق عديدة عن يزيد الرشك وقتادة عن معاذة، به.
قلنا: ولا وجْهَ لقول المصنِّف: "حديث منكرٌ" إلّا أنه يُخالف ما رواه مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة، وفيه قولها: "ما سبَّح رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُبْحةَ الضُّحى قطُّ .. " وهو حديث هذا الباب، والجمع بين هذه الروايات أولي، فقد بيَّن أهل التحقيق أن هذه الأحاديث الواردة عنها كلُّها متَّفقه لا اختلاف بينها كما ذكر النوويُّ وغيره، فقال: "وأمّا الجمعُ بين حديثي عائشة في نفي صلاته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الضُّحى وإثباتها، فهو أنّ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يُصليها بعضَ الأوقات لفضْلها، ويتركها في بعضها خشية أن تُفرضَ كما ذكرتْهُ عائشة. ويُتأوّل قولهُا: ما كان يُصليها إلّا أن يجيءَ من مغيبه؛ على أنَّ معناه: ما رأيتُه كما قالت في الرواية الثانية: ما رأيت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُسبِّح سُبْحةَ الضُّحى. وسبَبُه أنّ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما كان يكون عند عائشة في وقت الضُّحى إلّا في نادرٍ من الأوقات، فإنه قد يكون في ذلك مسافرًا، وقد يكون حاضرًا ولكنه في المسجد، أو في موضع آخر، وإذا كان عند نسائه، فإنما يكون لها يومٌ من تسعةٍ، فيصحُّ قولُها: ما رأيته يُصليها، فتكون قد علمت بخبره أو خبر غيرِه أنه صلّاها. أو يُقال: قولها: ما كان يُصلِّيها؛ أي: ما يداوم عليها، فيكون نفيًا للمداومة لا لأصلها، واللّه أعلم". ونحو ذلك قال الحافظ ابن حجر، وأضاف أشياء مفيدة في سياق توجيهه للروايات الواردة عن عائشة رضي الله عنها، وهذا التوفيق بين هذه الروايات أوْلى من ردّ ما ثبت عنها وعن غيرها من وجوه صحيحة لمجرَّد مخالفة ما رواه مالكٌ رحمه الله ممّا يُفهم من ظاهره مخالفته لما رواه غيره، واللّه تعالى أعلم. ينظر: شرح صحيح مسلم ٥/ ٢٢٩ - ٢٣٠، وفتح الباري ٣/ ٥٥ - ٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>