للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حدِيثٌ ثانٍ لعبدِ ربِّهِ بن سعِيدٍ

مالكٌ (١)، عن عبدِ ربِّهِ بن سعِيدِ بن قيسٍ، عن أبي سَلَمةَ بن عبدِ الرَّحمنِ، أنَّهُ قال: سُئلَ عبدُ الله بن عبّاسٍ، وأبو هريرةَ، عن المرأةِ (٢) الحامِلِ يُتوفَّى عنها زوجُها، فقال ابن عبّاسٍ: آخِرُ الأجلَينِ. وقال أبو هريرةَ: إذا ولدَتْ، فقد حلَّتْ، فدخلَ أبو سَلَمةَ بن عبدِ الرَّحمنِ على أُمِّ سلمةَ زوج النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فسألهَا عن ذلك، فقالت أُمُّ سلمةَ: ولدَتْ سُبَيعةُ الأسلمِيَّةُ بعدَ وَفاةِ زوجِها بنِصفِ شَهْرٍ، فخَطَبها رجُلانِ، أحدُهُما شابٌ، والآخرُ كَهْلٌ، فحَطَّتْ إلى الشّابِّ، فقال الشَّيخُ: لم تحِلَّ بعدُ، وكان أهلُها غَيَبًا (٣)، ورَجا إذا جاءَ أهلُها أن يُؤثِرُوهُ بها، فجاءَت رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "قَدْ حَلَلتِ، فانكِحِي من شِئتِ".

قال أبو عُمر: هذا حدِيثٌ صحِيحٌ، جاءَ من طُرُقٍ شتَّى كثِير ثابتةٍ كلُّها، من رِوايةِ الحِجازِيِّين والعِراقِيِّين، وأجمعَ العُلماءُ على القَولِ به، إلّا ما رُوِيَ عن ابن عبّاسٍ في هذا الحدِيثِ وغيرِهِ (٤).

وروي مِثلُهُ عن عليِّ بن أبي طالِبٍ من وَجهٍ مُنقطِع (٥)، أنَّهُ قال في الحامِلِ المُتوفَّى عنها زوجُها: عِدَّتُها آخرُ الأجَلَينِ (٦)، يعني: إن كان الحملُ أكثرَ من أربعةِ أشهُرٍ وعَشْرٍ، اعتدَّت بوَضعِهِ، وإن وضعَتْ قبلَ أربعةِ أشهُرٍ وعَشْرٍ، أكملت أربعةَ أشهُرٍ وعشرًا.


(١) الموطأ ٢/ ١٠٤ (١٧٢٥).
(٢) هذه اللفظة سقطت من الأصل، م، وهي ثابتة في د ٢ والموطأ.
(٣) الغَيَبُ، بالتحريك: جمع غائب، كخادم وخَدَم. انظر: النهاية ٣/ ٣٩٩.
(٤) انظر: الموطأ ٢/ ١٠٥ (١٧٢٨).
(٥) لأنه من رواية الأعمش، عن مسلم بن صُبيح الهمداني، عن علي، كما سيأتي في تخريجه.
(٦) انظر: مصنَّف ابن أبي شيبة (١٧٣٨٦)، وسنن سعيد بن منصور (١٥١٦، ١٥١٧، ١٥١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>