للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثٌ ثانٍ لابنِ شِهاب، عن الأعرج

مالكٌ (١)، عن ابن شِهاب، عن عبدِ الرَّحمنِ الأعرج، عن عبدِ الله بن بُحَيْنةَ قال: صلَّى لنا رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ركعتينِ، ثُمَّ قامَ فلم يجلِسْ، فقامَ النّاسُ معهُ، فلمّا قَضَى صلاتهُ، فانتظرنا تَسْليمَهُ، كبَّر فسجَدَ سَجْدتينِ وهُو جالِسٌ قبل التَّسليم، ثُمَّ سلَّمَ.

قد ذكرنا ابنَ بُحَيْنةَ في الصَّحابةِ (٢) بما يُغني عن ذِكرِهِ هاهُنا.

وفي هذا الحديثِ: بيانُ أنَّ الوهَمَ والنِّسيانَ لا يَسْلَمُ منهُ أحدٌ من المخلُوقينَ، وقد يكونُ ما نزلَ بهِ من ذلك، ومن مِثلِه، ليَسُنَّ (٣) لأُمَّتِهِ - صلى الله عليه وسلم -، ألا تَرَى إلى قولِهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إنِّي لأنسَى، أو أُنسَّى، لأسُنَّ" (٤).

وفي هذا الحديثِ من الفِقهِ: أنَّ المُصلِّيَ إذا قامَ مِنِ اثْنَتينِ، واعتدَلَ قائمًا، لم يكُن لهُ أن يرجِعَ، وإنَّما قُلنا: واعتدلَ قائمًا؛ لأنَّ النّاهِض لا يُسمَّى قائمًا حتَّى يعتدِلَ على الحقيقةِ، وإنَّما القائمُ: المُعتدِلُ.

وفي حديثنا هذا: "ثُمَّ قام". وإنَّما قُلنا: لا ينبغي لهُ إذا اعتدلَ قائمًا أنَّ يرجِعَ؛ لأنَّهُ معلُومٌ أنَّ من اعتدلَ قائمًا في هذه المسألةِ، لا يخلُو من (٥) أن يذكُر بنفسِهِ، أو يُذكِّرهُ من خلفهُ بالتَّسبيح، ولا سيَّما قوم قيل لهم: "من نابهُ شيءٌ في صلاتِهِ، فليُسبِّح" (٦). وهُم أهلُ النُّهَى، وأولى من عمِلَ بما حَفِظَ ووعَى.


(١) الموطأ ١/ ١٥٢ (٢٥٦).
(٢) الاستيعاب ٣/ ٨٧١.
(٣) في م: "ليس" خطأ.
(٤) أخرجه في الموطأ ١/ ١٥٥ (٢٦٤).
(٥) في ر ١: "إما".
(٦) أخرجه في الموطأ ١/ ٢١٣، ٢٣٢ (٤٥١) من حديث سهل بن سعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>