للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثٌ ثالثٌ لجعفرِ بن محمد متّصلٌ

مالكٌ (١)، عن جعفرِ بن محمدٍ، عن أبيه، عن جابرِ بن عبد الله، أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كانَ إذا وقَفَ على الصَّفا يُكبِّرُ ثلاثًا ويقولُ: "لا إله إلّا اللهُ وحدَه لا شَرِيكَ له، له المُلْكُ وله الحَمْدُ، وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ". يصنَعُ ذلك ثلاثَ مراتٍ ويدعُو، ويصنَعُ على المَرْوة مثلَ ذلك.

في هذا الحديث أنَّ الوُقوفَ على الصَّفا والمَرْوة، والمشْيَ بينَهما والسَّعيَ، من شعائرِ الحجِّ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "خُذوا عَنِّي مَناسِكَكم". وفيه أنّ الصَّفا والمروةَ موضِعُ دعاءٍ تُرجَى فيه الإجابةُ.

وفيه أنّ الدعاءَ يُفتَتَحُ بالتَّكْبيرِ والتَّهليل.

وفيه أنّ عددَ التَّكبير في ذلك الموضعِ ثلاثٌ، والتَّهليلَ مرَّةٌ واحدةٌ، ثم الدُّعاءُ والذِّكْرُ. والدُّعاءُ في ذلك الموضِع وغيرِه من سائرِ مواقفِ الحجِّ مندوبٌ إليه، مُسْتَحبٌّ؛ لما فيه من الفضلِ ورجاءِ الإجابة، وليس بفَرض عند الجميع، ومَن زاد على ما ذُكِر في هذا الحديث من التكبير والتَّهليلِ والذِّكْرِ، فلا حَرَجَ، وأحَبُّ إليَّ استعمالُ ما فيه على حَسَبِه، وبالله التوفيقُ.

وكذلك أُحِبُّ للمرتَقي على الصَّفا والمروةِ أن يَعْلُو عليهما حتى يَبْدُوَ له البيتُ؛ لما رواه عبدُ الرزاق، عن مالكٍ، عن نافعٍ، عن ابن عمرَ، أنّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يصعَدُ على الصَّفا والمروة حتى يَبْدُوَ له البيتُ (٢).


(١) الموطأ ١/ ٥٠٠ (١٠٩٠).
(٢) أخرجه تمام في فوائده (١٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>