للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثٌ سابعٌ وأربعونَ لزيدِ بنِ أسلَمَ (١) مُرسَلٌ

مالكٌ (٢)، عن زيدِ بنِ أسلمَ، أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "أعطُوا السَّائلَ وإن جاء على فَرَسٍ".

لا أعلمُ في إرسالِ هذا الحديثِ خلافًا بينَ رواةِ مالكٍ (٣)، وليس في هذا اللفظِ مُسْنَدٌ يُحْتَجُّ به فيما علِمتُ.

وفيه من الفقهِ الحضُّ على الصدقةِ. وفيه أن الفرسَ إذا كان صاحبُه محتاجًا إليه، لا غِنَى به عنه لضعفهِ عن التصرُّفِ في معاشِه على رِجْلَيه، فإنّ مِلْكَه للفرسِ لا يُخرِجُه عن حدِّ الفقرِ، ولا يُدخِلُه في حُكم الأغنياءِ الذين لا تَحِلُّ لهم الصدقةُ، وقد أطلقَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- إعطاءَه وإن جاءَ على فرسٍ، ولم يَقُلْ: من صدقةِ التطوع دونَ الصدقةِ الواجِبةِ، فجائزٌ أن يُعطى من كلِّ صدقةٍ.

ومَحمَلُ الدَّارِ التي لا غِنَى لصاحبِها عن سُكناها، ولا فضلَ له فيها عمّا يَحتاجُ إليه منها، والخادم الذي لا غِنَى به عنه -محمَلُ الفَرَسِ. وهذا قولُ جمهورِ فقهاءِ الأمصارِ، وقد تقدَّم القولُ في ذلك في باب حديثِ زيدِ بنِ أسلمَ، عن عطاءِ بنِ يسارٍ، عن الأسَدِيِّ، من كِتابِنا هذا (٤)، فأَغْنَى ذلك عن إعادَتِه هاهُنا.

ويحتملُ أن يكونَ -صلى الله عليه وسلم- أراد بقولِه في هذا الحديثِ، الحضَّ على إعطاءِ السائلِ، وألا يُرَدَّ، كائنًا من كان، إذا رضِي لنفسِه بالسؤالِ، إذ الأغلبُ مِن هذه الحالِ أنّها لا تكونُ إلَّا عن حاجةٍ، نَدبًا إلى نوافلِ الخيرِ وصدقَةِ التطوعِ، وفعلِ البرِّ


(١) هذا هو الحديث السادس والأربعون لزيد في ق.
(٢) الموطّأ ٢/ ٥٩٥ (٢٨٤٦).
(٣) رواه عن مالك: أبو مصعب الزُّهري (٢١٠٢)، وسويد بن سعيد (٧٨٧).
(٤) عند الحديث الثاني عشر من أحاديث زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار، وقد سلف في موضعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>