للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الانتساخ]

اختلف الكُتاب والنُّساخ في عصر المخطوطات في رسم بعض الألفاظ والحروف، واستخدموا صيغًا متنوعةً، فضلًا عن اختلاف بيّن في رسم الحروف وطرائق كتابة الخط بين أهل المشرق عمومًا وأهل الأندلس والمغرب.

وإنما حصل هذا الخُلْف البيّن لعلمهم أنَّ الرسم الكتابي غير مقدس وهو متطور ويخدم الغرض الذي يبتغيه الكاتب، إذ لو كان مُقدسًا لكان خط المصحف هو الأولى بالاتباع، فضلًا عن عدم وجود وحدة كتابية متفق عليها عند المتقدمين تنظم مثل هذه الأمور، كالطباعة الحديثة عندنا.

لقد كان النساخ والكتاب على حد سواء يُراعون جملةَ أمور وَقَرَت في أذهانهم عند الكتابة من أبرزها: دفع الاشتباه، وخوف وقوع القارئ في قراءة خاطئة، ثم تيسير عمل النَّسْخ ومراعاة سرعة الناسخ.

ولذلك حذفوا بعض الحروف التي كان حقها أن تكتب، وزادوا حروفًا لم تكن من أصل اللفظ، وأبدلوا حروفًا مكان حروف أخرى.

١ - فمن ذلك: حذف الألف الوسيطة في كثير من الأعلام مثل "الحارث" و"خالد" و"إبراهيم" و"إسماعيل" و"إسحاق" و"هارون" و"مروان" و"سليمان" و"عثمان" و"معاوية".

فكتبوها: "الحرث" و"خلد" و"إبرهيم" و"إسمعيل" و"إسحق" و"هرون" و"مرون"، و"سليمن" و"عثمن" و"معوية" على التوالي.

وكتبوا: "السّموت" و"ثلثة" و"ثلثين" و"منية" و"ثمنين" و"الملئكة" و"سبحنه" ونحو ذلك من غير ألف، فينبغي في رأينا إرجاع ما حذف لزوال العلة.

٢ - ومعظم القدماء، وكثير من أهل عصرنا يكتبون "مئة" بزيادة ألف "مائة" وإنما فعلوا ذلك خوفًا من اشتباهها بلفظة "منه" (١)، ولكن كثيرًا من المتعلمين صاروا


(١) انظر: صبح الأعشى للقلقشندي ٣/ ١٧٩، والوافي للصفدي ١/ ٣٨ وغيرهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>