للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثٌ خامسٌ وأربعونَ لهشام بنِ عُروة

مالكٌ (١)، عن هشام بنِ عُروة، عن أبيه، أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لم يعتمِرْ إلا ثلاثًا؛ إحداهُنَّ في شوال، واثنتَين في ذي القَعدة.

وهذا حديث مرسلٌ أيضًا عندَ جميع الرواةِ عن مالك (٢)، وقد رُويَ مسندًا عن عائشة:

حدَّثنا عبدُ الله بنُ محمدِ بنِ عبدِ المؤمن، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ بكر بن عبد الرزاق، قال: حدَّثنا أبو داود، قال (٣): حدَّثنا عبدُ الأعلى بنُ حماد، قال:


(١) الموطأ ١/ ٤٦٠ (٩٧٢).
(٢) رواه في موطّئه عن مالك مرسلًا: أبو مصعب الزُّهري (١١٠٤)، ومحمد بن الحسن الشيباني (٤٤٩)، وسويد بن سعيد (٥١٧).
(٣) في سننه (١٩٩١)، ومن طريقه البيهقي في دلائل النبوة ٥/ ٤٥٥.
وأخرجه البيهقي في الكبرى ٥/ ١١ (٩٠٩٨) من طريق عبد الأعلى بن حمّاد، به. ورجال إسناده ثقات. عبد الأعلى بن حمّاد: هو ابن نصر الباهلي، المعروف بالنّرْسيّ، وثّقه يحيى بن معين وأبو حاتم والدارقطني وغيرهم كما في تحرير التقريب (٣٧٣٠)، ومع هذا قال عنه الحافظ ابن حجر في التقريب (٣٧٣٠): "لا بأس به"، وقد قال فيه صالح جزرة وابن خراش: "لا نعلم فيه جرحًا"، وهو شيخ البخاري ومسلم في الصحيح.
وقولها: "اعتمر عمرتين" قال ابن القيِّم في زاد المعاد ٢/ ٩٢ - ٩٣: "ليس المراد بها ذِكْر مجموع ما اعتمر، فإنّ أنسًا وعائشة وابن عباس وغيرهم قد قالوا: إنه اعتمر أربع عُمَر، فعُلم أنّ مرادها به أنه اعتمر في سنة مرتين؛ مرّةً في ذي القعدة؛ ومرّةً في شوّال، وهذا الحديث وهمٌ، وإن كان محفوظًا عنها، فإنّ هذا لم يقع قطُّ، فإنه اعتمر أربع عُمر بلا ريب".
وقولها رضي الله عنها: "وعُمرة في شوّال" إن كان محفوظًا عنها، إشارة إلى عُمرة الجعرانةِ التي وقعت في ذي القعدة، لكن لمّا كان خروجه - صلى الله عليه وسلم - إلى حُنين في شوّال، وكان بعد رُجوعه من حُنين وقوعُ هذه العُمرة في هذه السَّنة في هذا السَّفر نَسبَتْها إلى شوّال، وإن كانت في ذي القعدة. هذا من أحسن ما قيل في الجمع بين قولها هذا وقول غيرها. ينظر: "فتح الباري لابن حجر ٣/ ٦٠٠، وعون المعبود للعظيم آبادي ٥/ ٣٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>