للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثٌ ثانٍ وستُّون منَ البلاغات (١)

مالكٌ (٢)، أنَّه بلَغه أنَّه كان يقول: الحمدُ لله الذي خلَق كلَّ شيءٍ كما ينبَغي، والذي لا يُعجِلُ شيءٌ إناهُ وقَدَرَه، حسبيَ اللهُ وكفَى، سمِع اللهُ لمن دعا، ليس وراءَ الله مرمًى.

قال أبو عُمر: هكذا روَى يحيى بنُ يحيى هذا الخبر: "لا يُعجِلُ (٣) شيءٌ إناه". بتخفيف "يُعجِلُ" من الفعل الرباعيِّ، "وشيءٌ" رفعًا في موضع الفاعل، "وإناهُ" مكسورُ الهمزةِ مقصورٌ في موضع المفعول، "وقدَرَه" كذلك اسمٌ في موضع المفعول. وتابَع يحيى على هذه الروايةِ جماعةٌ من رُواةِ "الموطّأ" (٤).

وروَته طائفةٌ، منهم القَعنَبيُّ، عن مالك، أنه بلَغه أنه كان يقال: الحمدُ لله الذي خلَق كلَّ شيءٍ كما ينبغي، الذي لم يُعجِّلْ شيئًا أناءَهُ وقدَّره. فجعل "لم" في موضع "لا"، و"يُعَجِّلْ" مثقَّلٌ، و"شيئًا" مفعولُ "يُعجِّلْ"، "أناءَهُ" ممدودٌ مفتوحُ الهمزة، "وقدَّره" فعلٌ مثقَّلٌ.

فالمعنى في روايةِ يحيى: الحمدُ لله الذي لا يتقدَّمُ شيءٌ وقتَه؛ أي: الحمدُ لله الذي من حُكْمِه وحِكمَتِه وقضائِه ألّا يتقدَّمَ شيءٌ وقتَه وحينَه الذي قُدِّر له، ولا يكونَ شيءٌ قبلَ الوقتِ الذي قُدِّر له.

ووَقْتَ وأناءُ الشيء: وقتُه وغايتُه، قال الله عزَّ وجلَّ: {غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ} [الأحزاب: ٥٣]؛ أي: وقتَه.


(١) لم يضع ناسخ الأصل هذا العنوان لهذا البلاغ، ليتسق له، كما يظهر، قول المؤلف: إن البلاغات واحد وستون.
(٢) الموطّأ ٢/ ٤٨٤ (٢٦٢٤).
(٣) قوله: "لا يعجل" لم ترد في الأصل، ولا بد منها لقوله بعد: "بتخفيف يعجل".
(٤) منهم أبو مصعب الزهري (١٨٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>