كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار

مالك، عن أبي الزبير المكي - ٨ - ج: 8 - ص: 55

حديثٌ ثامنٌ لأبي الزُّبَيرِ

مالكٌ (١)، عن أبي الزُّبيرِ المكِّيِّ، عن سعيدِ بن جُبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، أنَّهُ قال: صلَّى رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الظُّهرَ والعصرَ جميعًا، والمغرِبَ والعشاءَ جميعًا، في غيرِ خَوْفٍ ولا سَفَرٍ. قال مالكٌ: أرَى ذلك كان في مَطَرٍ.

أمّا سعيدُ بن جُبيرٍ، فأحدُ العُلماءِ الفُضَلاءِ من التّابِعين، قَتَلهُ الحجّاجُ صبرًا سنةَ أربَع وتِسعينَ وهُو ابنُ تِسع وأربعينَ سنةً، وهُو مولى لبَني أسدٍ، ولهُ أخبارٌ يطُولُ ذِكرُها، وكان فقيهًا فاضِلًا، شديدًا على السُّلطانِ في تَغييرِ المُنكِرِ.

وهذا (٢) حديثٌ صحيحٌ إسنادُهُ ثابتٌ، رواهُ جماعةٌ عن أبي الزُّبيرِ، كما رواهُ مالكٌ، منهُم: حمّادُ بن سَلَمةَ (٣) وغيرُهُ، ولم يتأوَّلُوا فيه المطر.

ورواهُ قُرَّةُ بن خالدٍ، عن أبي الزُّبيرِ، فقال فيه: في سَفْرةٍ سافَرَها إلى تبُوكَ (٤). ذكر أبو داود (٥).

وقد تقدَّمَ القولُ في جمع الصَّلاتينِ في السَّفرِ. وأمّا في الحَضَرِ، فأجمَعَ العُلماءُ على أنَّهُ لا يجُوزُ الجَمْعُ بين الصَّلاتينِ في الحَضَرِ لغيرِ عُذرٍ على حالٍ البتَّةَ، إلّا طائفةً شذَّتْ، سنُورِدُ ما إليه ذَهَبت إن شاءَ الله.

---

(١) الموطأ ١/ ٢٠٧ - ٢٠٨ (٣٨٥).
(٢) في ظا: "هذا".
(٣) أخرجه البزار في مسنده ١١/ ٢٢٢ (٤٩٨٩)، والبيهقي في الكبرى ٣/ ١٦٦، من طريق حماد بن سلمة، به.
(٤) أخرجه مسلم (٧٠٥) (٥١)، وابن خزيمة (٩٦٧)، والبيهقي في الكبرى ٣/ ١٦٧، من طريق قرة، به. وانظر: المسند الجامع ٨/ ٥٤٩ (٦٠٦٧).
(٥) ذكره بإثر رقم (١٢١٠).