للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثٌ أوَّلُ لأبي الزُّبيرِ

مالكٌ (١)، عن أبي الزُّبيرِ المكِّيِّ، عن جابرِ بن عبدِ الله، أنَّهُ قال: نَحَرْنا مع رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - عام الحُديبيةِ البَدَنةَ عن سَبْعةٍ، والبَقَرةَ عن سَبْعةٍ.

هذا حديثٌ صحيحٌ عِندَ أهلِ العِلم.

والحُديبيةُ: مَوْضِعٌ من الأرضِ في أوَّلِ الحَرَم، منهُ حِلٌّ، ومنهُ حُرْمٌ، بينهُ وبينهُ مكّةَ نحوُ عَشَرةِ أميالٍ أو خَمْسةَ عشرَ ميلًا، وهُو وادٍ قَريب من بَلْدح (٢)، على طريقِ جُدَّة.

ومَنْزِلُ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بها معرُوفٌ ومشهُورٌ، بينَ الحِلِّ والحُرْم، نَزلهُ - صلى الله عليه وسلم - واضْطَربَ به بناؤُهُ حينَ صدَّهُ المشرِكُون عن البيتِ، وذلك سنةَ ستٍّ من الهِجْرةِ، ونزلَ مَعهُ أصحابُهُ، فعَسْكرتْ قُرَيش لصدِّ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بذي طُوًى، وأتاهُ الحُلَيسُ بن علقمةَ أو ابن زبّانَ، أحدُ بني الحارثِ بن عبدِ مَنَاةَ بن كِنانةَ، فأخبرَهُ أنَّهُم قد عَسْكرُوا بذي طُوًى، وحَلَفُوا أن لا يدخُلَها عليهم عَنوةً أبدًا.

وكان رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قد قَصدَ مكّةَ زائرًا للبيتِ ومُعظِّمًا لهُ، ولم يَقْصِد لقِتالِ قُرَيش، فلمَّا اجتمَعُوا لصدِّهِ عن البيتِ، بعثَ إليهِم عُثمانَ بن عفّان، يُخبِرُهُم أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لم يَأتِ لحربٍ، وإنَّما جاءَ زائرًا للبَيْتِ ومُعظِّمًا لحُرمتِهِ، فخرجَ عُثمانُ حتّى أتى مكّةَ، فأخَبَرهُم بذلك، فقالوا لهُ: إن شِئتَ أنتَ أن تطُوفَ بالبيتِ فطُف، وأمَّا محمدٌ فلا في عامِهِ هذا، فقال عُثمانُ: ما كُنتُ لأفعلَ حتّى يطُوفَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فاحْتَبسَتْهُ قُرَيشٌ عِندَها. فبلَغَ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم -:


(١) الموطأ ١/ ٦٢٤ (١٣٩٥).
(٢) معجم البلدان ١/ ٤٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>