وقد يخطئ المؤلف فينسب حديثًا إلى غير راويه، مما يتعيَّن على المحقق أن ينبِّه عليه، كما صنعنا مثلًا فيما جاء في الحديث السادس لزَيْد بنِ أسلَم (٣/ ٦١) من قول المؤلف: "ورأتْ فرقةٌ من أهلِ الحديثِ تطويلَ السُّجودِ في ذلك، ورَوَتْه عن ابن عُمر".
قلنا: هكذا في النسخ كافة، وهو خطأ صوابه: عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، وحديثه أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (٤٩٣٨) وعنه الإمام أحمد في المسند ١١/ ٤٥٣ (٦٨٦٨)، وابن المنذر في الأوسط (٢٨٩٩) عن إسحاق -وهو ابن إبراهيم بن راهوية- عن عبد الرزاق، ثلاثتهم عن سفيان الثوري، عن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عبد اللَّه بن عمرو: أنّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى بهم يومَ كَسَفت الشمسُ، يومَ مات إبراهيمُ ابنُه، فقام بالناس، فقيل: لا يركَعُ فركع، فقيل: لا يرفعُ فرفع، فقيل: لا يسجدُ وسَجَد، فقيل: لا يرفعُ فقام في الثانية، ففعل مثل ذلك، وتجلَّتِ الشمس". وإسناده حسن، عطاء بن السائب صدوق حسن الحديث إذا كان الراوي عنه ممّن روى عنه قبل اختلاطه، والثوري منهم، وأبو السائب ثقة.
وقد ذكر في تمهيد الحديث الأول لابن شهاب عن عروة بن الزبير، حينما ذكر حديث أبي ذرٍّ المرفوع في ضرورة الصلاة مع الأمراء الذين يؤخرون الصلاة، فقال (٥/ ٣٥٩): "وقد روَى هذا الخبَرَ عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عُبادَةُ بنُ الصَّامتِ، وعامرُ بنُ ربيعَةَ، وقَبيصَةُ بنُ وقَّاصٍ، ومعاذُ بنُ جبلٍ، كما رواه أبو ذرٍّ وابنُ مسعودٍ".
فتعقبناه على ذكره معاذ بن جبل مع الذين رووا هذا الحديث، وقلنا: هذا وهم منه رحمه اللَّه، فليس في هذا الباب ما يُروى عن معاذ بن جبل، ولكن وقع له رضي اللَّه عنه ذِكْر في سياق حديث ابن مسعود الذي أخرجه أحمد في المسند ٣٦/ ٣٥٠ (٢٢٠٢٠)، وأبو داود (٤٣٢)، وابن حبّان في صحيحه ٤/ ٣٤٥ (١٤٨١) من طريق