للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثٌ ثامِنٌ لأبي الزِّنادِ

مالكٌ (١)، عن أبي الزِّنادِ، عنِ الأعرج، عن أبي هريرةَ، أنَّ رسُولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ليس المِسكِينُ بهذا الطَّوافِ الذي يطُوفُ على النّاسِ، فتردُّهُ اللُّقمةُ واللُّقمتانِ، والتَّمرةُ والتَّمرتانِ". قالوا: فما المِسكِينُ يا رسُولَ اللَّه؟ قال: "الذي لا يجِدُ غِنًى يُغنِيهِ، ولا يَفْطُنُ النّاسُ لهُ فيُتصدَّقَ عليه، ولا يقومُ فيسألُ النّاسَ".

هكذا قال يحيى في هذا الحديثِ: فما المِسكِينُ؟ ولم يقُل: فمَنِ المِسكِينُ؟ وكان وجهُ الكلام أن يقولَ: فمَن (٢) المِسكِينُ؟ لأنَّ "مَن" وُضِعت لمن يَعقِلُ.

وقد تابَعَ يحيى على قولِهِ: فما المِسكِينُ؟ جماعةٌ.

ويَحتَمِلُ وَجْهينِ، أحدُهُما: أن يكونَ أرادَ فما (٣) الحالُ التي يكونُ بها السّائلُ مِسكِينًا.

والوجهُ الآخرُ: أن تكونَ "ما" هاهُنا بمَعنَى (٤) مَن، كما قال عزَّ وجلَّ: {وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا} [الشمس: ٥] أرادَ: ومَنْ بناها.

وكما قال: {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى} [الليل: ٣] أرادَ (٥): ومن خلَقَ الذَّكرَ والأُنثى (٦).

فأمّا قولُهُ: "ليس المِسكِينُ بهذا الطَّوّافِ". فإنَّهُ أرادَ: ليس المِسكِينُ حقًّا على الكَمالِ، وهُو الذي بالَغتهُ المَسْكنةُ بهذا الطَّوّافِ؛ لأنَّ هُناكَ مِسكِينًا أشدَّ


(١) الموطأ ٢/ ٥١٠ (٢٦٧٢).
(٢) في م: "فما".
(٣) في م: "بها".
(٤) هذه الكلمة سقطت من م.
(٥) في م: "بمعنى: أراد".
(٦) قوله: "أراد ومن خلق الذكر والأنثى" لم يرد في الأصل، د ٢، قفز نظر.

<<  <  ج: ص:  >  >>