للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثٌ رابعٌ لمحمدِ بن يحيى بن حَبّان

مالكٌ (١)، عن محمدِ بن يحيى بن حَبّانَ، عن الأعْرَج، عن أبي هُريرةَ، أنَّ رسُولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عن الصَّلاةِ بعد العَصْرِ حتَّى تغرُبَ الشَّمسُ، وعنِ الصَّلاةِ بعدَ الصُّبح حتَّى تطلُعَ الشَّمسُ.

قال أبو عُمر: هذا حديثٌ لا يُختلَفُ في ثُبُوتِهِ وصِحَّةِ إسناده، وقد رُوي من وُجُوهٍ كثيرةٍ عن النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وقدِ (٢) اختلفَ العُلماءُ في هذا البابِ اختِلافًا كثيرًا، لاختِلافِ الآثارِ فيه، فقال منهُم قائلُونَ: لا بأسَ بالتَّطوُّع بعد الصُّبح وبعد العَصْرِ، لأنَّ النَّهي إنَّما قُصِدَ به إلى تَرْكِ الصَّلاةِ عِندَ طُلُوع الشَّمسِ، وعِندَ غُرُوبها.

واحتجُّوا من الآثارِ، برِوايةِ من روى النَّهي عن الصَّلاةِ في هذه الأوقاتِ. وروى ذلك جماعةٌ من الصَّحابةِ. وقد ذكَرْنا ذلك في بابِ زيدِ بن أسلم، من كِتابِنا هذا عِندَ ذِكرِ حديثِ الصُّنابِحيِّ.

واحتجُّوا أيضًا بقولهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لا تُصلُّوا بعد العَصْرِ، إلّا أن تُصلُّوا والشَّمسُ مُرْتفِعةٌ" (٣). وبقولهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لا تحرَّوا بصَلاتِكُم طُلُوعَ الشَّمسِ ولا غُرُوبها" (٤).

وبإجماع المُسلمينَ على الصَّلاةِ على الجنائزِ بعد الصبح، وبعد العَصْرِ، إذا لَمْ يكُن عِندَ الطُّلُوع وعِندَ الغُرُوبِ.

قالوا: فالنَّهيُ عن الصَّلاةِ بعد العصرِ والصبح، هذا معناهُ وحقيقتُهُ.


(١) الموطأ ١/ ٣٠٣ (٥٨٨).
(٢) "قد" لَمْ ترد في الأصل.
(٣) سيأتي وإسناده، ويخرج في موضعه، وكذا ما بعده.
(٤) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٣٠٣ (٥٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>