للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثٌ رابعٌ وثلاثونَ لزَيْد بن أسلَمَ مُرسَلٌ

مالكٌ (١)، عن زيدِ بنِ أسلمَ، عن عطاء بنِ يَسارٍ، أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- أرسَل إلى عمرَ بن الخطاب بعطاءٍ (٢)، فرَدَّه عمرُ (٣)، فقال له رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "لِمَ رَدَدْتَه؟ ". فقال: يا رسولَ الله، أليس أخبَرتَنا أنَّ خيرًا لأحَدِنا ألَّا يأخُذَ مِن أحَدٍ شيئًا؟ فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّما (٤) ذلك عن (٥) المسألةِ، فأمَّا ما كان عن غيرِ مسألةٍ، فإنَّما هو رزقٌ يَرْزُقُكَه اللّهُ"، فقال عمرُ بنُ الخطاب: أمَا والذي نَفْسِي بيدِه، لا أسألُ أحدًا شيئًا، ولا يأتينِي شيءٌ مِن غيرِ مسألةٍ إلَّا أخَذْتُه.

قال أبو عُمر: لا خِلافَ عَلِمْتُه بينَ رواةِ الموطَّأ عن مالكٍ في إرسالِ هذا الحديثِ هكذا، وهو حديثٌ يَتَّصلُ مِن وجوهٍ ثابتةٍ عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- مِن حديثِ زيدِ بنِ أسلمَ، عن أبيه، عن عمرَ، ومِن غيرِ ما وَجْهٍ عن عمرَ (٦).

وفيه أن يُهْدِيَ الكبيرُ إلى الصغيرِ، والجليلُ إلى مَن هو دُونَه، وأن يُهْدِي القليلُ المالِ إلى مَن هو أكْثر منه مالًا.

وفيه أنَّه لا يَنْبَغِي لأحدٍ أن يَرُدَّ الهدِيَّةَ إذا عَلِم طِيبَ مَكْسَبِها؛ لأنَّ قولَه -صلى الله عليه وسلم- لعمرَ: "لِمَ رَدَدْتَه؟ " كان إنكارًا منه لفعِله.


(١) الموطأ ٢/ ٥٩٨ (٢٨٥٢).
(٢) في ق: "بعطائه"، وما أثبتناه من النسخ الأخري، وهو موافق لما في المطبوع من الموطأ.
(٣) "عمر" لم يرد في ق، خ.
(٤) في د ١: "إن".
(٥) في د ١: "من".
(٦) سيأتي تخريج هذه الأحاديث المتَّصلة عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- من طريق زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر، ومن غير هذا الوجه في الآتي من شرح المصنّف في هذا الباب إن شاء الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>