للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَصْلٌ

التَّيمُّمُ للمَرِيضِ والمُسافِرِ، إذا لم يجِدِ الماءَ، بالكِتابِ، والسُّنَّةِ، والإجماع، إلّا ما ذكرتُ لكَ في تيمُّم الجُنُبِ، فإذا وجدَ المرِيضُ، أوِ المُسافِرُ الماءَ، حرُم عليه التَّيمُّمُ، إلّا أن يخافَ المرِيضُ ذهابَ نفسِهِ، وتلفَ مُهجتِهِ، فيَجُوزُ لهُ حِينَئذٍ التَّيمُّمُ، مع وُجُودِ الماءِ بالسُّنَّةِ، لا بالكِتابِ، إلّا أن يتأوَّل: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: ٢٩]، وقد أجاز (١) رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - التَّيمُّم لعَمرِو بن العاصِ وهُو مُسافِرٌ، إذ خافَ الهلاكَ (٢) إنِ اغتسَلَ بالماءِ (٣). فالمرِيضُ أحْرَى بذلك، والله أعلمُ.

وقال عَطاءُ بن أبي رباح: لا يتيمَّمُ المرِيضُ إذا وجَدَ الماءَ، ولا غيرُ المرِيضِ؛ لأنَّ الله يقولُ: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} (٤) [النساء: ٤٣].

فلم يُبِح التَّيمُّم لأحَدٍ إلّا عِندَ فقدِ الماءِ، ولولا قَبُولُ الجُمهُورِ ما رُوِي من الأثَرِ، لكان (٥) قَوْلُ عَطاءٍ صحِيحًا، والله أعلمُ.

واختلَفَ الفُقهاءُ أيضًا في التَّيمُّم، هل تُصلَّى به صَلَواتٌ، أم يَلْزمُ التَّيمُّمُ لكلِّ صَلاةٍ؟


(١) في م: "أبان"، وهو تحريف.
(٢) هذه اللفظة سقطت من الأصل، م، وهي ثابتة في د ٢.
(٣) أخرجه أحمد ٢٩/ ٣٤٦، وأبو داود (٣٣٤)، والدارقطني في السنن ١/ ٣٢٧ (٩٨١)، والبيهقي في الكبري ١/ ٢٥، من حديث يزيد بن أبي حبيب، عن عمران بن أبي أنس، عن عبد الرحمن بن جبير المصري، عن عمرو بن العاص.
وأخرجه أبو داود (٣٣٥)، وا بن حبان (١٣١٥)، والدارقطني (٩٨٢)، والبيهقي ١/ ٢٢٦ من حديث عبد الرحمن بن جبير، عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص مرسلًا.
وعلقه البخاري ١/ ٩٥ في الصحيح.
(٤) انظر: مصنَّف عبد الرزاق (٨٦٤).
(٥) في الأصل، م: "ولولا قول الجمهور وما روي من الأثر كان"، والمثبت من د ٢، وهو الأليق.

<<  <  ج: ص:  >  >>