للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثٌ مُوفي عشرينَ لهشام بنِ عُروةَ

مالكٌ (١)، عن هشام بنِ عُروةَ، عن أبيه، عن عائشة، أن رجلًا قال لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: إنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نفسُها، وأُراها لو تكلَّمتْ تصدَّقَتْ، أفأتصدَّقُ عنها؟ فقال رسوُل اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "نعم".

وهذا الحديثُ أيضًا مجتمَعٌ على القول بمعناه، ولا خلافَ بينَ العلماءِ أنّ صدقةَ الحيِّ عن الميِّت جائزة، مرجُوٌّ نفعُها وقبولُها إذا كانت من طيّب، فإنّ اللَّهَ لا يقبَلُ إلّا الطيِّب، وليس الصدقةُ عندَهم من باب عَمَل البَدنِ في شيء، فلا يجوزُ لأحدٍ أن يصلِّيَ عن أحد، وجائزٌ له أن يتصدَّقَ عن وليِّه وعن غيرِه، وهذا مما ثَبتتْ به السُّنة، ولم تختلفْ فيه الأمّة.

ويقولون: إن الرجلَ المذكورَ في هذا الحديث هو سعدُ بنُ عبادة، وقد مضَى القولُ في قصةِ سعدِ بنِ عُبادة (٢) وصدقتِه عن أمِّه في غيرِ موضع من كتابنا هذا، والحمدُ للَّه.

وأما قولُه: افتُلِتَتْ نفسُها، فإنه أراد: اختُلِسَتْ نفسُها وماتتْ فُجاءةً، قال الشاعر:

مَنْ يأمَنِ الأيامَ بعدَ صُبَيرةِ القُرشيِّ ماتَا

سَبَقَتْ منيَّتُه المَشِيبَ وكان مِيْتَتُه افتِلاتَا (٣)


(١) الموطّأ ٢/ ٣٠٦ (٢٢١٢).
(٢) وله في الموطأ ٢/ ٣٠٦ (٢٢١١) حديث واحد، وقد سلف في موضعه.
(٣) البيتان في "المعمّرون والوصايا" لأبي حاتم السجستاني، ص ٧، وفي الكامل للمبرِّد ١/ ٢٧٣، وفي الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني ٦/ ٣٠٤، وفي المنتظم لابن الجَوْزي ٦/ ٣٢٦ دون عزوٍ لقائلٍ معيَّن. وعند بعضهم "ضبيرة" بالضاد المعجمة بدل "صبيرة" بالصاد، وهي لغة فيه كما في بعض التراجم.
وصُبيرة أو ضُبيرة: هو ابن سعيد بن سعد بن سهم بن عمرو بن هُصيص بن كعب بن لؤيّ، عاش مئة سنة ولم يشب قطُّ، وأدرك الإسلام فلم يُسلم، قال أبو حاتم السجستاني؛ وقد اختُلف في إسلامه، فقالت نائحته بعد موته؛ وذكر البيتين وينظر: أسد الغابة لابن الأثير ١/ ٣٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>