للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثٌ سابعٌ لأبي الزُّبيرِ

مالكٌ (١)، عن أبي الزُّبير (٢)، عن أبي الطُّفيلِ عامرِ بن واثِلةَ، أنَّ مُعاذَ بن جَبَلٍ أخبرَهُ: أنَّهُم خَرجُوا مع رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في غَزْوةِ تبُوكَ، فكان رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يجمعُ بين الظُّهرِ والعَصْرِ، والمغرِبِ والعِشاءِ، قال: فأخَّرَ الصَّلاةَ يومًا، ثُمَّ خرَجَ فصلَّى الظُّهرَ والعصرَ جميعًا، ثُمَّ دخلَ، ثُمَّ خرجَ فصلَّى المغرِبَ والعِشاءَ جميعًا، ثمَّ قال: "إنَّكُم ستأتُونَ غدًا إن شاءَ الله عينَ تبُوك، وإنَّكُم لن تأتُوها، حتّى يَضْحَى النَّهارُ، فمن جاءَها منكُم، فلا يَمسَّ من مائها شيئًا، حتّى آتي". قال: فجِئناها وقد سَبَقنا إليها رَجُلانِ، والعينُ تبُضُّ بشيءٍ من ماءٍ، فسَألهُما رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "هل مَسَستُما من مائها شيئًا؟ " فقالا: نعم، فسبَّهُما رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وقال لهُما ما شاءَ اللهُ أن يقولَ، ثُمَّ غَرفُوا بأيديهِم من العَيْنِ قليلًا قليلًا، حتّى اجتمَعَ في شيءٍ، ثُمَّ غسَلَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - منهُ وَجْهَهُ ويَدَيهِ، ثُمَّ أعادَهُ فيها، فجَرَتِ العَيْنُ بماءٍ كثيرٍ، فاسْتَقَى النّاسُ، ثُمَّ قال رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "يُوشِكُ يا مُعاذُ إن طالَتْ بكَ حياةٌ، أن تَرى ما هاهُنا قد مُلِئَ جِنانًا".

قال أبو عُمر: هذا حديثٌ صحيحٌ ثابتٌ، وأبو الطُّفيلِ من كِبارِ التّابِعين وجِلَّتِهِم وعُلَمائهِم، مِمَّن وُلِدَ على عَهدِ رسُول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد ذكَرْناهُ في كِتابِنا في الصحابةِ (٣) على شَرْطِنا فيه، فأغْنَى عن ذِكْرِهِ هاهُنا، وقد ذكَرْنا مُعاذَ بنَ جَبَل (٤) هُناك ذِكرًا مُجوَّدًا إن شاءَ الله، وكان أبو الطُّفيل مُحِبًّا في عليٍّ، غيرَ مُتَنقِّصٍ لغيرِهِ من الصَّحابةِ، وجهِلَ أمرَهُ من جعلهُ من الشِّيعةِ الغاليةِ.


(١) الموطأ ١/ ٢٠٦ - ٢٠٧ (٣٨٣).
(٢) قوله: "عن أبي الزُّبير" سقط من م.
(٣) انظر: الاستيعاب ٢/ ٧٩٨.
(٤) انظر: الاستيعاب ٣/ ١٤٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>