للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثٌ خامِسٌ لابنِ شِهاب، عن سالم يَجْري مَجْرَى المُسنَد

مالكٌ (١)، عن ابن شِهاب، عن سالم بن عبدِ الله، أَنَّهُ قال: كتبَ عبدُ الملكِ بن مروانَ إلى الحجّاج بن يُوسُفَ: أن لا تُخالِف عبدَ الله بن عُمرَ في شيءٍ من (٢) أمرِ الحجِّ. قال: فلّما كان يومُ عرفَةَ جاءهُ عبدُ الله بن عُمرَ حينَ زاغتِ الشَّمسُ وأنا معهُ، فصاحَ به عِند سُرادِقِهِ: أينَ هذا؟ فخرجَ إليه الحجّاجُ وعليه مِلْحفةٌ مُعَصفرةٌ، فقال: ما لكَ يا أبا عبدِ الرَّحمنِ؟ فقال: الرَّواح إن كنتَ تُريدُ السُّنَّة، فقال: أهذه السّاعةَ؟ قال: نعم. قال: فأنْظِرني حتّى أُفيضَ عليَّ ماءً، ثُمَّ أخرُجَ. فنزلَ عبدُ الله حتّى خرجَ الحجّاجُ، فصارَ (٣) بيني وبين أبي، فقلتُ لهُ: إن كنتَ تُريدُ أن تُصيبَ السُّنَّة، فاقصُرِ الخُطبة، وعجِّلِ الصَّلاةَ. قال: فجعلَ ينظُرُ إلى عبدِ الله بن عُمرَ، كيْما يسمعُ ذلك منهُ، فلّما رأى ذلك عبدُ الله، قال: صدقَ.

قد ذكرنا عبدَ الملك بن مروان في غيرِ موضِع من كُتُبِنا، وأمّا الحجّاجُ فهُو: الحجّاجُ بن يُوسُف بن الحكم بن أبي عَقِيل الثَّقفيُّ، أُمُّهُ فارِعةُ بنتُ همّام بن عَقيلِ بن عُروة بن مسعُودٍ الثَّقفيِّ، كانت قبل أبيهِ تحت المُغير بن شُعبة.

كان الحجّاجُ عندَ جُمهُورِ العُلماءِ أهلًا أن لا يُروى عنهُ، ولا يُؤْثَرَ حديثُهُ، ولا يُذكرَ بخيرٍ، لسُوءِ سِرِّهِ، وإفراطِهِ في الظُّلم، ومن أهلِ العِلم طائفةٌ تُكفِّرُهُ، وقد ذكرنا أخبارَهُم فيه بذلك، في بابٍ مُفردٍ لهُ. وَليَ الحجازَ ثلاثَ سِنينَ، ووَلِيَ العِراقَ عِشرينَ سنةً، قدِمَ عليهم سنةَ خمسٍ وسبعينَ، ومات سنة خمسٍ وتسعينَ.


(١) الموطأ ١/ ٥٣٤ (١١٨٧)، ومن طريق مالك أخرجه البخاري (١٦٦٠) و (١٦٦٣).
(٢) قوله: "شيء من" سقط من م، وهو ثابت في بقية النسخ والمطبوع من الموطأ.
(٣) في مصادر التخريج: "فسار".

<<  <  ج: ص:  >  >>