للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثٌ خامِسٌ لمحمدِ بن المُنْكدِرِ

مالكٌ (١)، عن محمدِ بن المُنكدِرِ: أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - دُعِيَ إلى طعام (٢) فقُرِّبَ إليه خُبزٌ ولحمٌ، فأكلَ منهُ، ثُمَّ توضَّأ، ثُمَّ أُتي بفَضْلِ ذلك الطَّعام، فأكلَ منهُ، ثُمَّ صلَّى ولم يَتَوضَّأ.

قال أبو عُمر: هكذا هذا الحديثُ في "المُوطَّأ" عِندَ جميع الرُّواةِ فيما عَلِمتُ مُرسلًا (٣).

ورواهُ عُمرُ بن إبراهيمَ الكُرْديُّ، وخالدُ بن يزيدَ العُمَريُّ، والقُداميُّ (٤)، كلُّهُم، عن مالكٍ، عن محمدِ بن المُنكدِرِ، عن جابرِ بن عبدِ الله مُسندًا. وكلُّهُم ضعيفٌ لا يُحتجُّ برِوايتِهِ عن مالكٍ، ولا عن غيرِهِ، لضَعْفِهِم، والصوابُ فيه عن مالكٍ ما في "المُوطَّأ" مُرسلًا، وقد رواهُ ثِقاتٌ عن محمدِ بن المُنكدِرِ، عن جابرٍ مُسندًا، وسَنذكُرُ ما حضَرَنا ذِكرهُ من ذلك في هذا الكِتابِ إن شاءَ الله.

وفيه من الفِقهِ: أن لا وُضُوءَ على من أكلَ مِمّا مسَّتهُ النّارُ.

وأمّا قولُهُ في هذا الحديثِ: فأكَلَ منهُ، ثُمَّ توضَّأ. فذلك، واللهُ أعلمُ، إنَّما كان لحدَثٍ عِندُهُ، أو للفَضْلِ، فقد كان - صلى الله عليه وسلم - يَتَوضَّأُ في الأغلبِ من أمرِهِ لكلِّ صلاةٍ، ويدُلُّ ذلكَ على ما ذَكَرتُ لك، ما ذُكِرَ في هذا الحديثِ: أنَّهُ أُتي بفَضْلِ ذلكَ الطَّعام، فأكلَ منهُ، ثُمَّ صلَّى ولم يَتَوضَّأ. فلو كان وُضُوؤُهُ من أجْلِ الطَّعام أوَّلًا، لكان قد توضَّأ آخِرًا من بَقيَّةِ ذلكَ الطَّعام، إذِ الحُكمُ فيه واحِدٌ، هذا ما لا يَشُكُّ فيه ذُو لُبٍّ.


(١) الموطأ ١/ ٦٣ (٦١).
(٢) قوله: "إلى طعام" سقط من ض. وفي م: "لطعام".
(٣) رواه عن مالك: أبو مصعب الزهري (٦٨)، وسويد بن سعيد (٣٥).
(٤) أخرجه ابن عدي في الكامل ٤/ ٢٥٧، من طريق القدامي، ضمن ترجمته، وهو عبد الله بن محمد بن ربيعة بن قدامة بن مظعون.

<<  <  ج: ص:  >  >>