للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثٌ حاديَ عَشَر لأبي الزِّنادِ

مالكٌ (١)، عن أبي الزِّنادِ، عنِ الأعْرَج، عن أبي هريرةَ، أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "رأسُ الكُفرِ نحو المشرِقِ، والفَخرُ والخُيلاءُ في أهلِ الخيلِ والإبِلِ والفَدّادِين أهلِ الوبرِ، والسَّكِينةُ في أهلِ الغَنم".

أمّا قولُهُ: "رأسُ الكُفرِ نحو الشرِقِ" فهُو أنَّ أكثر الكُفرِ وأكبرهُ كان هُناك؛ لأنَّهُم كانوا قومًا لا كِتابَ لهم، وهُم فارِسُ ومن وَراءَهُم، ومن لا كِتابَ لهُ، فهُو أشدُّ كُفرًا من أهلِ الكِتابِ؛ لأنَّهُم لا يعبُدُونَ شيئًا، ولا يتَّبِعُونَ رسُولًا، فهذا - واللهُ أعلمُ - معنى قولِهِ: "رأسُ الكُفرِ نحو المشرِقِ".

وقد مَضَى بعضُ هذا المعنى في كِتابِنا هذا، عِند قولِهِ - صلى الله عليه وسلم -: "من حَيْثُ يطلُعُ قرنُ الشَّيطانِ" (٢). فلا وجه لإعادةِ ذلك هاهُنا.

وأمّا "أهلُ الخيلِ والإبِلِ". فهُمُ الأعراب أهلُ الصَّحراءِ، وفيهمُ التكبّرُ، والتَّجبُّرُ، والخُيَلاءُ، وهي الإعجابُ، والفَخرُ، والتَّبختُرُ.

وأمّا "أهلُ الغَنم" فهُم أهلُ سَكِينةٍ، وقِلَّةِ أذًى، وقِلَّةِ فخْرٍ وخُيَلاءَ، على ما قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فهُو الصّادِقُ في خَبرِهِ - صلى الله عليه وسلم -.

وأمّا قولُهُ: "الفدّادِين". فكان مالكٌ يقولُ: الفدّادُونَ، هُم أهلُ الجَفاءِ، وهُم أهلُ الخَيْلِ والوبرِ.

يُرِيدُ بالوَبرِ الإبِلَ، وهُو كما قال مالكٌ.

قال أبو عُبيدٍ (٣): هُمُ الفدّادُونَ بالتَّشدِيدِ، وهُمُ الرِّجالُ، والواحِدُ فدّادٌ.


(١) الموطأ ٢/ ٥٦٢ (٢٧٨٠).
(٢) أخرجه مالك في الموطأ ٢/ ٥٦٩ - ٥٧٠ (٢٧٩٤) عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، به.
(٣) غريب الحديث له ١/ ٢٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>