للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثٌ ثامِنٌ وعِشرُونَ لنافع، عن ابنِ عُمرَ

مالكٌ (١)، عن نافع، عن عبدِ الله (٢) بن عُمرَ: أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - رأى بُصاقًا في جِدارِ القِبْلةِ فحكَّهُ، ثُمَّ أقبلَ على النّاسِ، فقال: "إذا كان أحدُكُم يُصلِّي، فلا يَبْصُقْ قِبَلَ وَجهِهِ، فإنَّ اللهَ قِبَلَ وجهِهِ إذا صَلَّى".

وفي هذا الحديثِ من الفِقهِ: إزالةُ ما يُسْتقذرُ وما يُتَنزَّهُ عنهُ ويُتقزَّزُ منهُ من المسجدِ، وأن يُنظَّفَ.

وإذا كان رسُولُ الله يحُكُّ البُصاقَ من حائطِ المَسْجِد من قِبْلَته (٣)، فكَنسُهُ وتَنْظيفُهُ وكِسوَتُهُ يدخُلُ في معنى ذلك.

وفي هذا الحديثِ أيضًا دليلٌ على أنَّ للمُصلِّي أن يبصقَ وهُو في الصَّلاةِ، إذا لم يبصقْ قِبلَ وجهِهِ، ولا يَقْطعُ ذلك صِلاتَهُ، ولا يُفسِدُ شيئًا منها إذا غَلبهُ ذلك واحتاج إليه، ولا يبصُقْ قِبَلَ وجهِهِ ألْبتَّةَ، ولكِنْ يبصقُ في ثوبِهِ، وتحت قدَمِهِ، على ما ثبتَ في الآثارِ.

وقد أجمعَ العُلماءُ على أنَّ العملَ القليلَ في الصَّلاةِ لا يضُرُّها.

وفي إباحَةِ البُصاقِ في الصَّلاةِ لمن غَلَبهُ ذلك، دليلٌ على أنَّ النَّفخَ، والتَّنحنحَ (٤) في الصَّلاةِ إذا لم يَقْصِد به صاحِبُهُ اللَّعِبَ والعَبَث، وكان يَسِيرًا، لا يضُرُّ المُصلِّي في صلاتِهِ، ولا يُفسِدُ شيئًا منها؛ لأَنَّهُ قلَّما يكونُ بُصاقٌ إلّا ومَعهُ شيءٌ من النَّفخ والنَّحنحةِ.


(١) الموطأ ١/ ٢٧٠ (٥٢٢).
(٢) "عبد الله" لم يرد في الأصل، وهو ثابت في بقية النسخ والموطأ.
(٣) قوله: "من قبلته" من ظا.
(٤) هذه الكلمة لم ترد في م.

<<  <  ج: ص:  >  >>