للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حدِيثٌ رابعٌ للعلاءِ بن عبدِ الرَّحمنِ

مالكٌ (١)، عن العلاءِ بن عبدِ الرَّحمنِ، عن أبيهِ، عن أبي هريرةَ، أنَّ رسُولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ألا أُخبِرُكُم بما يَمْحُو اللَّه به الخَطايا، ويرفعُ به الدَّرجاتِ؟ إسْباغُ الوُضُوءِ على (٢) المكارِهِ، وكثرةُ الخُطا إلى المساجِدِ، وانتِظارُ الصَّلاةِ بعدَ الصَّلاةِ، فذلكُمُ الرِّباطُ، فذلكُمُ الرِّباطُ، فذلكُمُ الرِّباطُ".

قال أبو عُمر: في هذا الحدِيثِ طَرْحُ العالِم العِلمَ على المُتعلِّم، وابتِداؤُهُ إيّاهُ بالفائدةِ، وعرضُها عليه.

وهذا الحدِيثُ من أحسنِ ما يُروَى عن النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في فضائل (٣) الأعمالِ.

وأمّا قولُهُ: "إسباغُ الوُضُوءِ على المكارِهِ" فالإسباغُ: الإكمالُ والإتمامُ في اللُّغةِ، من ذلك قولُ اللَّه عزَّ وجلَّ: {وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً} [لقمان: ٢٠]. يعني أتمَّها عليكُم وأكملها. وإسباغُ الوُضُوءِ: أن تأتي بالماءِ على كلِّ عُضوٍ يلزمُكَ غسلُهُ، وتَعُمَّهُ كلَّهُ بالماءِ، وجرِّ اليدِ، وما لم تأتِ عليه بالماءِ منهُ، فلم تغسِلهُ، بل مَسَحتهُ، ومن مسَحَ عُضوًا يَلْزمُهُ غسلُهُ، فلا وُضُوءَ لهُ، ولا صلاةَ، حتّى يغسِلَ ما أمرَ اللَّه بغسلِهِ، على حسَبِ ما وصفتُ لك.

وأمّا (٤) قولُهُ: "على المكارِهِ" فقيلَ: أرادَ البردَ وشِدَّتهُ، وكلَّ حالٍ يُكرِهُ المرءُ فيها نفسهُ، بدفع (٥) وسوسةَ الشَّيطانِ في تَكْسِيلِهِ إيّاهُ عن الطّاعةِ، والعَملِ الصّالِح، واللَّه أعلمُ.


(١) الموطأ ١/ ٢٢٩ (٤٤٥).
(٢) في م، والمطبوع من الموطأ: "عند"، والمثبت من د ٢، وهو اختيار المؤلف، وسيأتي بعد تأكيد ذلك عند الشرح.
(٣) في د ٢: "أفضل"، والمثبت من الأصل.
(٤) في م: "فأما".
(٥) في م: "فدفع".

<<  <  ج: ص:  >  >>