للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثٌ ثامنُ أربعينَ لأبي الزِّنادِ

مالكٌ (١)، عن أبي الزِّنادِ، عن الأعرج، عن أبي هريرةَ، أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الملائكةُ تُصلِّي على أحدِكُم ما دامَ في مُصلّاهُ الذي صلَّى فيه، ما لم يُحدِث، اللَّهُمَّ اغفِرْ لهُ، اللَّهُمَّ ارحَمْهُ". قال مالكٌ: لا أرَىَ قولَهُ: "ما لم يُحدِث" إلّا الإحداثَ الذي ينقُضُ الوُضُوءَ.

قال أبو عُمر: أمّا قولُهُ: "الملائكةُ تُصلِّي على أحدِكُم". فمعناهُ تترحَّمُ على أحدِكُم، وتدعُو لهُ بالرَّحمةِ والمغفِرةِ، وهذا بيِّنٌ في نفسِ هذا الحديثِ، قولَهُ: "اللَّهُمَّ اغفِر لهُ، اللَّهُمَّ ارحمهُ".

وأمّا قولُهُ: "في مُصلّاهُ الذي صلَّى فيهِ". فإنَّهُ أرادَ الصَّلاةَ المعرُوفةَ، ومَوْضِعُها الذي تُفعَلُ فيه، هُو المُصلَّى (٢)، وهُو المسجدُ، مسجدُ الجماعةِ؛ لأنَّ فيه يحصُلُ في الأغْلَبِ انتِظارُ الصَّلاةِ، ولو قعدَتِ المرأةُ في بَطْنِ (٣) بيتِها، أو من لا يَقْدِرُ على شُهُودِها في المسجدِ، لكانَ كذلك إن شاءَ الله.

ذكر الفِريابِيُّ، قال: حدَّثنا حكِيمُ بن رُزيقٍ (٤) الأيلِيُّ (٥)، قال: سمِعتُ أبي يَسْألُ سعِيد بن المُسيِّبِ، وأنا معهُ، قال: يا أبا محمدٍ، إنّا أهلُ قَرْيةٍ لا نكادُ أن نَقْبُر موتانا إلّا بالعَشِيِّ، فإذا خرجتِ الجِنازةُ، لم يتخلَّف عنها أحد، إلّا من لا يَسْتطِيعُ حُضُورها، فكيفَ ترى؟ اتِّباعُ الجِنازةِ أحبُّ إليكَ، أم القُعُودُ في المسجدِ؟ فقال


(١) الموطأ ١/ ٢٢٧ (٤٤١).
(٢) من هنا مع أربع فقرات بعده، كله لم يرد في ت.
(٣) في د ٢: "مصلى".
(٤) في د ٢: "رزين". وفي م: "زريق". وهو حكيم بن رزيق بن حكيم الأيلي. انظر: التاريخ الكبير للبخاري ٣/ ٩٥، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم ٣/ ٢٨٧، والإكمال لابن ماكولا ١/ ٢٢٧، وتوضيح المشتبه لابن ناصر الدين ٣/ ٢٨١.
(٥) في د ٢: "العقيلي".

<<  <  ج: ص:  >  >>