للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يستقبِلُونَ الإمامَ بوُجُوهِهِم ويُنصِتُونَ، ولا يُشمِّتُوا عاطِسًا، ولا يرُدُّوا سلامًا إلّا بالإشارةِ. وقال في الجدِيدِ بمصرَ: ولو سلَّمَ رجُلٌ، كرِهتُهُ لهُ، ورأيتُ أن يرُدَّ عليه بعضُهُم؛ لأنَّ ردَّ السَّلام فرضٌ. قال: ولو عطسَ رجُلٌ، والإمامُ يخطُبُ في الجُمُعةِ، فشَمَّتهُ رجُلٌ، رَجَوتُ أن يسعهُ؛ لأنَّ التَّشمِيت سُنَّةٌ. واختارهُ المُزنِيُّ.

وحكى البُويطِيُّ عنهُ: أَنَّهُ لا بأسَ بردِّ السَّلام، وتشمِيتِ العاطِسِ، والإمامُ يخطُبُ في الجُمُعةِ وغيرِها.

وكذلك حكى إسحاقُ بن منصُورٍ، عن أحمد، وإسحاق.

ورُوِي عن أحمدَ أيضًا: إذا لم يسمع الخُطبةَ، شمَّت وردَّ (١).

ورُوِي مِثلُ ذلك عن عطاءٍ.

وقال الأثرمُ: قُلتُ لأحمد بن حنبل: هل يَرُدُّ السَّلامَ يوم الجُمُعةِ والإمامُ يخطُبُ؟ قال: نعم. قيل لهُ: ويُشمِّتُ العاطِسَ؟ قال: نعم.

وقال أبو جعفرٍ الطحاوِيُّ (٢): لمّا كان مأمُورًا بالإنصاتِ كالصَّلاةِ، لم يُشمِّت، كما لا يُشمِّتُ في الصَّلاةِ، فإن قيلَ: ردُّ السَّلام فرضٌ، والصَّمتُ سُنَّةٌ. قال أبو جعفرٍ: الصَّمتُ فرضٌ؛ لأنَّ الخُطبةَ فرضٌ، وإنَّما تصِحُّ بالخاطِبِ والمخطُوبِ عليهم، فكما يفعلُها الخاطِبُ فرضًا، كذلك المُستمِعُ فَرْضٌ عليه ذلك.

قال أبو عُمر: في هذا نظرٌ، والصَّمتُ واجِبٌ بسُنَّةِ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وباللّه تعالى التَّوفِيقُ.


(١) انظر: الأوسط لابن المنذر، ومختصر اختلاف العلماء في الموضعين المذكورين آنفًا.
(٢) في مختصر اختلاف العلماء ١/ ٣٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>