للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثٌ حادٍ وثلاثُونَ لنافع، عن ابنِ عُمرَ

مالكٌ (١)، عن نافع، عن ابنِ عُمرَ، أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أراني اللَّيلةَ عندَ الكَعْبةِ (٢)، فرأيتُ رَجُلًا آدَمَ كأحسنِ ما أنتَ راءٍ من أُدم الرِّجالِ، لهُ لِمَّةٌ كأحسنِ ما أنتَ راءٍ من اللِّمَم، قد رَجَّلَها، فهي تقطُرُ ماءً، مُتَّكِئًا على رجُلينِ، أو على عَواتِقِ رجُلينِ، يطُوفُ بالبَيْتِ، فسألتُ من هذا؟ فقيلَ: المسيحُ ابنُ مريمَ، ثُمَّ إذا أنا برَجُلٍ جَعْدٍ قَطَطٍ، أعْوَرِ العينِ اليُمنى، كأنَّها عِنَبَةٌ طافيةٌ، فسألتُ من هذا؟ فقيل: المسيحُ الدَّجّالُ".

قال أبو عُمرَ: أمّا المسيحُ ابنُ مريمَ عليه السَّلامُ، ففي اشْتِقاقِ اسمِهِ، فيما ذكَرَ ابنُ الأنباري (٣)، لأهلِ اللُّغةِ خمسةُ أقوالٍ:

أحدُها: أَنَّهُ قيل لهُ: مَسِيحٌ، لسياحتِهِ في الأرضِ، وهُو فعيلٌ من مَسْح الأرضِ، أي: من قَطْعِها بالسِّياحةِ، والأصلُ فيه: مَسْيِحٌ، على وزنِ مَفْعِلٌ، وأُسْكِنتِ الياءُ، ونُقِلت حركتُها إلى السِّينِ لاستِثقالِهِمُ الكَسْرةَ على الياءِ.

وقيل: إنَّما قيلَ لهُ: مسيحٌ؛ لأنَّهُ كان ممسُوحَ الرِّجلِ، ليسَ لرِجلِهِ أخمصُ، والأخمصُ: ما لا يَمسُّ الأرضَ من باطِنِ الرِّجل.

وقيل: سُمِّي مسيحًا؛ لأنَّهُ خرجَ من بطنِ أُمِّهِ ممسُوحًا بالدُّهنِ.

وقيل: سُمِّي مسيحًا؛ لأنَّهُ كان لا يَمسَحُ ذا عاهَةٍ، إلّا برِئَ.

وقيل: المسيحُ: الصدِّيقُ. وأمّا المسيحُ الدَّجّالُ، فإنَّهُ (٤) قيل لهُ: مسيحٌ، لمسحِهِ الأرضَ، وقَطْعِهِ لها.


(١) الموطأ ٢/ ٥٠٦ (٢٦٦٦).
(٢) في الأصل: "العقبة"، وهو تحريف.
(٣) انظر: الأضداد، له، ص ٣٦١.
(٤) في م: "فإنما".

<<  <  ج: ص:  >  >>