قال أبو داود: ورُوي عن الثوري، قال: ما حدثنا حبيب إلَّا عن عروة المُزني، يعني لم يحدِّثهم عن عروة بن الزُّبير بشيء.
قال أبو داود: وقد روَى حمزة الزَّيات، عن حبيب، عن عروة بن الزُّبير، عن عائشة حديثًا صحيحًا.
قال أبو عيسى الترمذي: سألتُ محمدًا (يعني البخاري) عن حديث الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عروة، عن عائشة: أنَّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قبَّل بعض نسائه، ثم خرج إلى الصلاة، ولم يتوضأ، فقال: حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من عروة. ترتيب علل الترمذي الكبير (٥٦).
وقال ابن أبي حاتم: سمعتُ أبي يقول: لم يصح حديث عائشة في ترك الوضوء من القبلة. . . وسئل أبو زرعة عن الوضوء من القبلة فقال: لم يصح حديث عائشة. علل الحديث (١١٥).
وذكره الدارقطني في كتابه العلل (٣٨٣٧) وقال: "والصحيح عن عروة عن عائشة أنّ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يقبّل وهو صائم". قال بشار: ومن ثم أتراجع عن تعليقي على ابن ماجة (٥٠٢)، والترمذي (٨٦) في تصحيح الحديث، فإن إعلال سفيان الثوري ويحيى بن سعيد القطان والبخاري والترمذي وأبي حاتم وأبي زرعة الرازيين لا ينفعه تصحيح ابن عبد البر وأحمد شاكر والغماري وبشار وغيرهم، واللَّه الموفق للصواب، وينظر كتابنا: المسند المصنّف المعلل ٣٦/ ٣٩٨ - ٤٠١ (١٧٥٥٩).
ثامنًا: عدم الانتباه إلى الشذوذ:
وربما استدل ابن عبد البر ببعض الروايات الشاذة من غير معرفة شذوذها، أو من غير إشارة إلى شذوذها، فمن ذلك مثلًا أنَّه احتج بحديث:"من أدرك ركعتين من العصر قبل أن تغيب الشمس فقد أدرك الصلاة"(٣/ ٤٥).
فكان لا بد للمحقق أن يبيّن أنَّ هذه رواية شاذّة بهذا اللفظ، تفرَّد بها أبو صالح -وهو ذكوان السمان- دون أصحاب أبي هريرة عنه. وقد اختُلف عليه فيه في متنه