للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثٌ ثانيَ عَشَر لأبي الزِّنادِ

مالكٌ (١)، عن أبي الزِّنادِ، عنِ الأعرج، عن أبي هريرةَ، أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تقُومُ السّاعةُ حتَّى يمُرَّ الرَّجُلُ بقبرِ الرَّجُلِ، فيقول: يا لَيْتني مَكانَهُ".

قال أبو عُمر: قد ظنَّ بعضُ النّاسِ، أنَّ هذا الحديث مُعارِضٌ لنَهيِهِ - صلى الله عليه وسلم - عن تمنِّي الموتِ، بقولِهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لا يَتَمنَّينَّ أحدُكُمُ الموتَ لضُرٍّ نزلَ به" (٢). قال: وفي هذا الحديثِ (٣) إباحَةُ تمنِّي الموتِ.

وليس كما ظنَّ، وإنَّما هذا خَبرٌ أنَّ ذلك سيكونُ، لشِدَّةِ ما ينزِلُ بالنّاسِ من فسادِ الحالِ في الدِّينِ، وضعفِهِ، وخَوفِ ذهابِهِ (٤)، لا لضُرٍّ يَنْزِلُ بالمُؤمِنِ في جِسمِهِ.

وأمّا قولُهُ - صلى الله عليه وسلم -: "لا تقُومُ السّاعةُ حتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بقبرِ الرَّجُلِ، فيقول: يا لَيْتني مكانَه (٥) ". فإنَّما هُو خَبرٌ عن تَغيُّرِ الزَّمان، وما يحدُثُ فيه من المِحَنِ، بالبَلاءِ (٦) والفِتَنِ.

وقد أدركنا ذلك الزَّمانَ، كما شاءَ الواحِدُ الرحمن (٧) لا شرِيكَ لهُ، عصَمَنا الله، ووفَّقنا، وغفرَ لنا، آمِينَ.


(١) الموطأ ١/ ٣٣٠ (٦٤٧).
(٢) سيأتي بإسناده لاحقًا، وانظر تخريجه في موضعه.
(٣) هذه اللفظة لم ترد في ت.
(٤) قوله: "وضعفه وخوف ذهابه" لم يرد في الأصل، ت.
(٥) في م: "مكانك".
(٦) في م: "والبلاء".
(٧) في ت: "المنان".

<<  <  ج: ص:  >  >>