للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثٌ ثانٍ لعطاءٍ الخُراسانيِّ

مالكٌ (١)، عن عطاءِ بن عبدِ اللَّه الخُراسانيِّ، عن سعيد بن المسيِّب، أنَّه قال: جاء أعرابيٌّ إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يضربُ نحْرَه وينتِفُ شعْرَه، ويقول: هلَكَ الأبعدَ. فقال له رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وما ذاك؟ ". قال: أصبْتُ أهلي وأنا صائمٌ في رمضانَ. فقال له رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هل تَستطيعُ أن تُعتِقَ رَقَبة؟ ". فقال: لا. فقال: "هل تستطيعُ أن تُهدِيَ بَدَنةً؟ " فقال: لا. قال: "فاجلِس". فأُتيَ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بعَرَقٍ، فقال: "خُذْ هذا فتصَدَّقْ به". فقال: ما أحدٌ أحوجُ منِّي. فقال: "كُلْه، وصُمْ يومًا مكانَ ما أصبْتَ".

هكذا هذا الحديث في "الموطأ" عندَ جماعةِ الرُّواة مرسلًا (٢).

وقد رُوِي معناه متصلًا من وُجوهٍ صحاح، وقد ذكَرْناها في باب ابنِ شهاب، عن حُميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة (٣)، إلا أن قوله في هذا الحديث: "هل تستطيعُ أن تُهدِيَ بَدَنةً؟ " غير محفوظٍ في الأحاديثِ المسنَدة الصِّحاح، ولا مَدخلَ للبُدْن أيضًا في كفارةِ الواطئ في رمضانَ عندَ جمهورِ العلماء، وذِكْرُ البَدَنةِ هو الذي أُنكِرَ على عطاء في هذا الحديث.

وأما ذكرُ الرَّقبةِ وذكرُ الصدقةِ بالعَرَق وسائرُ ما ذكَرْنا في هذا الحديث فمحفوظٌ من حديثِ أبي هريرة وحديثِ عائشة، من راويةِ الثِّقات الأثبات، والحمدُ للَّه.


(١) الموطأ ١/ ٣٩٩ (٨١٦).
(٢) رواه عن مالك: أبو مصعب الزُّهري (٨٠٣)، وسويد بن سعيد (٤٦٥)، والشافعيُّ في الأمّ ٢/ ١٠٧، ومن طريقه البيهقي في الكبرى ٤/ ٣٨٣ (٨٥٦٢). وهو عند أبي داود في المراسيل (١٠٢) عن عبد اللَّه بن مسلمة القعنبي عن مالك، به.
(٣) سلف في الحديث الأول لابن شهاب الزُّهري عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف. وهو في الموطأ ١/ ٣٩٩ (٨١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>