للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أجْمَعَ المسلمون على جوازِ قبولِ (١) السائلِ المُسْتَفْتِي لِمَا يُخْبِرُه به العالِمُ الواحدُ (٢) إذا استَفْتاه فيما لا يعْلَمُه، وقَبُوِل خَبَرِ الواحِدِ العَدْلِ فيما يُخْبِرُ به مِثْلُه، وقد ذكَر الحُجَّةَ عليهم في رَدِّهم أخْبارَ الآحادِ جماعَةٌ مِن أئِمَّةِ الجَماعَةِ وعُلَماءِ المسلمين. وقد أفْرَدْتُ لذلك كتابًا مُوعَبًا كافِيًا (٣)، والحمدُ للَّه.

ولأئمَّةِ فقهاءِ الأمْصارِ في إنفاذِ الحُكم بخبرِ الواحدِ العَدْلِ مذاهِبُ مُتقارِبَة، بعدَ إجْماعِهم على ما ذكَرْتُ لك من قَبُولِه وإيجابِ العَملِ به دونَ القَطْع على مُغَيَّبِه، فجُمْلَةُ مذهبِ مالكٍ في ذلك إيجابُ العملِ بمُسْنَدِه ومُرْسَلِه، ما لم يَعْترضْه العَملُ الظاهرُ ببلَده، ولا يُبالي في ذلك مَن خالَفه في سائرِ الأمْصارِ؛ ألَا ترَى إلى إيجابِه العملَ بحدِيثِ التَّفْلِيس (٤)، وحديث المُصَرَّاة (٥)، وحديثِ أبي القُعَيْسِ في لَبَنِ الفَحْل (٦)، وقد خالفَه في ذلك بالمدينةِ وغيرِها جماعةٌ مِن


(١) في الأصل: "قبول الواحد"، وقد ضرب على لفظة "الواحد" في ف ١.
(٢) "الواحد" لم يرد في ف ١.
(٣) يشير إلى كتابه: الشواهد في إثبات خبر الواحد، وهذا الكتاب ذكره أحمد بن يحيى الضبِّي في بغية الملتمس في تاريخ رجال الأندلس ص ٤٩٠، والذهبي في تذكرة الحفّاظ ٣/ ٢١٧، وفي سير أعلام النبلاء ١٨/ ١٥٩.
(٤) أخرجه في الموطأ ٢/ ٢١١ (١٩٨٠)، وهو الحديث السادس عشر ليحيى بن سعيد الأنصاري، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عمر بن عبد العزيز، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه، عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وسيأتي مع تمام تخريجه والكلام عليه في موضعه إن شاء اللَّه تعالى.
(٥) أخرجه في الموطأ ٢/ ٢١٦ (١٩٩٥) عن أبي الزناد عبد اللَّه بن ذكوان، عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه، عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو الحديث الحادي والعشرون لأبي الزناد، وسيأتي مع تمام تخريجه والكلام عليه في موضعه إن شاء اللَّه تعالى.
(٦) أخرجه في الموطأ ٢/ ١٢٠ (١٧٦٤) عن محمد بن شهاب الزهري، عن عروة بن الزبير، عن عائشة رضي اللَّه عنها. وهو الحديث الحادي عشر لابن شهاب الزهري، وسيأتي مع تمام تخريجه والكلام عليه في موضعه إن شاء اللَّه تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>