للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثٌ ثانٍ لمحمدِ بن يحيى بن حَبّان

مالكٌ (١)، عن محمدِ بن يحيى بن حَبّان، عن الأعْرَج، عن أبي هُريرةَ، أنَّ رسُولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "لا يخطُبُ أحَدُكُم على خِطْبةِ أخيهِ".

قال أبو عُمر: هذا حديث صحيحٌ ثابتٌ عن النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ورُوي عن أبي هُريرةَ من وُجُوهٍ، وروا أيضًا ابنُ عُمرَ عن النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (٢).

والمعنى فيه عِندَ أهل العِلم بالحديثِ، أنَّ الخاطِبَ إذا رُكِنَ إليه، وقَرُبَ أمر، ومالتِ النُّفُوسُ بعضُها إلى بعضٍ في ذلك، وذُكِرَ الصَّداقُ ونَحْوُ ذلكَ، لَمْ يَجُز لأحَدٍ حينئذٍ الخِطْبةُ على رجُلٍ قد تناهَتْ حالُهُ، وبلَغَتْ ما وصفنا.

والدَّليلُ على ذلكَ، أنَّ رسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد خطَبَ لأُسامةَ بن زيدٍ فاطِمةَ بنت قَيْسٍ، إذ أخْبَرتهُ أنَّ مُعاويةَ وأبا جَهْم خَطَباها (٣). ولم يُنكِر أيضًا خِطْبةَ واحِدٍ منهُما، وخَطَبها على خِطْبتِهِما، إذ لَمْ يَكُن من فاطِمةَ رُكُونٌ ومَيْلٌ، واللّه أعلمُ.

وهذا البابُ يَجْري مَجْرَى قولهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لا يبِعْ بعضُكُم على بيع بعضٍ، ولا يَسُوم (٤) أحدكم (٥) على سَوْم أخيهِ" (٦).


(١) الموطأ ٢/ ٢٧ (١٤٨٩).
(٢) أخرجه مالك في الموطأ ٢/ ٢٧ (١٤٩٠).
(٣) سيأتي بإسناده، ويخرج في موضعه.
(٤) المساومة: المجاذبة بين البائع والمشتري على السلعة، وفصل ثمنها، والمنهي عنه: أن يتساوم المتبايعان في السلعة، ويتقارب الانعقاد، فيجيء رجل آخر يريد أن يشتري تلك السلعة، ويخرجها من يدي المشتري الأول، بزيادة على ما استقر الأمر عليه بين المتساومين ورضيا به.
انظر: لسان العرب ١٢/ ٣١٠.
(٥) في الأصل: "أحدٌ"، وسيأتي عنده في آخر هذا الباب: "الرجل"، والمثبت من بقية النسخ، وهو الموافق لما في مصادر الحديث.
(٦) أخرجه في الموطأ ٢/ ٢١٦ (١٩٩٤، ١٩٩٥) بشطره الأول، وانظر: شطره الثاني في نهاية هذا الباب.

<<  <  ج: ص:  >  >>