للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمّا هلاكُ المبيع قبلَ القَبْضِ، غائبًا كان أو حاضِرًا، عِندَ الشّافِعيِّ وأبي حَنِيفةَ، فمِن البائع أبدًا.

ومن الدَّليل على جَوازِ بيع الغائبِ، مع ما تقدَّمَ في هذا الباب: أنَّ السَّلَفَ كانوا يَتَبايَعُونهُ، ويُجيزُون بيعهُ.

فمِن ذلك: أنَّ عُثمانَ، وعبد الرَّحمنِ بن عَوْفٍ تبايَعا فرسًا غائبًا عنهُما (١).

وتبايَعَ عُثمانُ أيضًا وطَلْحةُ دارًا لعُثمان بالكُوفةِ، ولم يَعْلمها (٢) عُثمانُ ولا طَلْحةُ، وقَضَى جُبيرُ بن مُطعِم لطَلْحةَ فيها بالخيارِ. وهُو المُبتاعُ (٣).

فحَمَلهُ العِراقيُّونَ على خيارِ الرُّؤيةِ، وحَمَلهُ أصحابُ مالكٍ على أنَّهُ كان اشترطَ الخيار، فكأنَّ بيعَ الغائب (٤) إجماعٌ من الصَّحابةِ، إذ لا يُعلَمُ لهؤُلاءِ مُخالِفٌ منهُم.

ويدخل (٥) في معنَى المُلامَسةِ والغَررِ، أشياءُ بالاستِدلال يطُولُ ذِكرُها، إن ذكَرْناها خَرَجنا عن شَرْطِنا وعَمّا له قَصَدنا، وباللّه عِصْمتُنا وتوفيقُنا.


(١) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف (١٤٢٤٠)، وسحنون في المدونة ٣/ ٣٢٧، والبيهقي في الكبرى ٥/ ٢٦٧.
(٢) في الأصل: "يُقَلِّبها"، ولا معنى لها، والمثبت من ظا، ويجوز فيه: "يعاينها"، قال الطحاوي في شرح معاني الآثار ٤/ ١٠: "اشترى طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عفان مالًا، فقيل لعثمان: إنك قد غبنت وكان المال بالكوفة، وهو مال آل طلحة الآن بها، فقال عثمان: لي الخيار لأني بعت ما لَمْ أر، وقال طلحة: إليَّ الخيار: لأني أشتريت ما لَمْ أر، فحكّما بينهما جبير بن مطعم، فقضى أن الخيار لطلحة ولا خيار لعثمان".
(٣) انظر: شرح معاني الآثار للطحاوي ٤/ ١٠، وسنن البيهقي الكبرى ٥/ ٢٦٨.
(٤) في م: "الخيار".
(٥) في م: "ودخل".

<<  <  ج: ص:  >  >>