للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وللشّافِعيِّ في بيع الغائبِ ثلاثةُ أقوال، أحَدُها كقولِ مالكٍ، والثّاني كقولِ أبي حَنِيفةَ، والثّالثُ الذي حَكاهُ عنهُ الرَّبيعُ والبُويطيُّ: أنَّهُ لا يجُوزُ بيعُ الأعيانِ الغائبةِ بحال. فلا يجُوزُ عِندَهُ على القول الثّالثِ، وهُو الذي حَكاهُ البُويطيُّ عنهُ، إلّا بيعُ عينٍ مَرْئيَّةٍ قد أحاطَ الباخُ والمُبتاعُ عِلمًا بها، أو بَيع مضمُونٌ في الذِّمَّةِ موصُوفٌ، وهُو السَّلَمُ.

وقال المُزنيُّ: الصَّحيحُ من قولِ الشّافِعيّ: أنَّ شِراءَ الغائبِ لا يجُوزُ، وُصِفَ أو لَمْ يُوصَف (١).

وذكر أبو القاسم القَزْوينيُّ (٢) القاضي قال: الصَّحيحُ عن الشّافِعيِّ، إجازةُ بيع الغائبِ (٣) على خِيار الرُّؤيةِ (٤)، إذا نظرَ إليه، وافقَ الصِّفةَ، أو لَمْ يُوافِقها. مِثلُ قولِ أبي حنيفةَ والثَّوريِّ سواءً (٥).

قال هذا في كُتُبِهِ المِصريَّةِ، وقال بالعِراقِ في بيع الغائبِ، مِثلَ قول مالكٍ، سَواءً: أنَّهُ لا خيارَ لهُ إذا وافقَ الصِّفةَ. حكاهُ عنهُ أبو ثورٍ، وبه قال أبو ثَوْرٍ.

وقال أبو حنيفةَ وأصحابُهُ، في المُشْتَري يَرى الدّار من خارِجِها، ويَرى الثِّياب مطويَّةً من ظُهُورِها، فيَرى مواضِع طيِّها، ثُمَّ يَشْتريها: أنَّهُ لا يكونُ لهُ خيارُ الرُّؤيةِ في شيءٍ من ذلكَ.


(١) هذا منقول من مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٣/ ٧٥. وينظر: الأم ٣/ ٤٠، ومختصر المزني ٨/ ٢١٨.
(٢) هو عبد الله بن محمد بن جعفر، أبو القاسم القزويني القاضي، الفقيه الشافعي. انظر: تاريخ الإسلام ٧/ ٢٩٣.
(٣) ينظر عن بيع الغائب: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٣/ ٧٤ (١١٥٦).
(٤) في الأصل: "بيع الرؤية"، والمثبت من بقية النسخ، وهو الأولى.
(٥) انظر: الأم ٣/ ٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>