للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثٌ سابعُ عشرينَ لأبي الزِّنادِ

مالكٌ (١)، عن أبي الزِّنادِ، عنِ الأعرج، عن أبي هريرةَ، أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَطْلُ الغنيِّ ظُلمٌ، وإذا أُتبِعَ أحدُكم على مليءٍ فليَتْبعَ".

هذا يدُلُّ على أنَّ المطْلَ على الغنيِّ حرامٌ، لا يحِلُّ إذا مطلَ بما عليه من الدُّيُونِ، وكان قادِرًا على توصِيلِ الدَّينِ إلى صاحِبه، وكان صاحِبُهُ طالِبًا لهُ؛ لأنَّ الظُّلمَ حرامٌ قليلُهُ وكثِيرُهُ، وتختلِفُ آثامُهُ على قَدْرِ اختِلافِهِ؛ لأنَّ للظُّلم وُجُوهًا كثِيرةً، فأعظمُها الشِّركُ، وأقلُّها لا يكادُ يُعرَفُ من خَفائهِ، وجُملتُها لا تُحصى كثرةً.

وأصلُ الظُّلم في اللُّغةِ، أخذُكَ ما ليس لكَ، ووضعُكَ الشَّيءَ غيرَ موضِعِهِ (٢)، ومنهُ قالوا (٣):

ومن يُشْبِه أباهُ فما ظَلَمْ

أي: لم يضَع الشَّبهَ غيرَ مَوضِعِهِ (٤)، ثُمَّ يضرَّفُ على كلِّ شيءٍ أُخِذَ من غيرِ وَجهِهِ.

قال اللهُ عزَّ وجلَّ: {لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: ١٣]. وقال: {وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا} [الفرقان: ١٩]. {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} [آل عمران: ٥٧]. وقال رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، حاكِيًا عن ربِّهِ: "يا عِبادِي، حرَّمتُ عليكُمُ


(١) الموطأ ٢/ ٢٠٥ (١٩٦٨).
(٢) في د ٢: "في غير موضعه"، والمثبت من الأصل باختلاف لفظي.
(٣) القائل هو رؤبة، انظر: ديوانه، ص ١٨٢.
(٤) من قوله: "ومنه قالوا" إلى هنا، سقط من ي ١، ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>