للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثٌ رابعٌ لأبي الأسودِ

مالكٌ (١)، عن أبي الأسْوَدِ محمدِ بن عبدِ الرَّحمنِ، عن عُرْوةَ بن الزُّبيرِ، عن زَيْنبَ بنتِ أبي سَلَمةَ، عن أُمِّ سَلَمةَ زوج النَّبيِّ (٢)، أنَّها قالت: شَكَوتُ إلى رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - أنِّي أشْتَكِي، فقال: "طُوفي من وَراءِ النّاسِ، وأنتِ راكِبةٌ". قالت: فطُفتُ راكبةً بَعِيري (٣)، ورسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حِينئذٍ يُصلِّي إلى جانِبِ البيتِ، وهُو يقرأُ بالطُّورِ وكتاب مَسْطُور.

قال أبو عُمر: هذا ما (٤) لا خِلافَ فيه بينَ أهل العِلْم، كلِّهِم يقولُ: إنَّ من كان لهُ عُذرٌ، أوِ اشْتَكى (٥) مَرضًا، أنَّهُ جائزٌ لهُ الرُّكُوبُ في طَوافِهِ بالبيتِ، وفي سَعْيِهِ بين الصَّفا والمَرْوةِ.

واختلفُوا في جَوازِ الطَّوافِ راكِبًا، لمن لم يَكُن لهُ عُذرٌ، أو مرضٌ، على ما ذكَرْنا عنهُم في بابِ جعفرِ بن محمد (٦)، من كِتابِنا هذا، فلا وَجْهَ لإعادَتِهِ ها هُنا.

وكلُّهُم يَكْرهُ الطَّواف راكِبًا للصَّحيح الذي لا عُذرَ لهُ، وفي ذلكَ ما يُبيِّنُ أنَّ طَوافَ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - راكِبًا في حَجَّتِهِ إن صَحَّ ذلكَ عنهُ، كان لعُذرٍ، واللهُ أعلمُ. وقد أوضَحْنا ذلكَ، ومَضَى القولُ فيه هُناك، وبالله العِصْمةُ والتَّوفيقُ.

وفي هذا الحديثِ أيضًا من الفِقه: أنَّ النِّساءَ في الطَّوافِ يَكُنَّ خلفَ الرِّجال، كهيئَةِ الصَّلاةِ.

وفيه الجَهرُ بالقِراءةِ في التَّطوُّع بالنَّهارِ.


(١) الموطأ ١/ ٤٩٧ - ٤٩٨ (١٠٨٤).
(٢) قوله: "زوج النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -" سقط من م، وهو ثابت في الأصل وفي الموطأ.
(٣) قوله: "راكبة بعيري" لم يرد في الأصل، وهو ثابت في بقية النسخ وفي الموطأ.
(٤) "ما" لم ترد في الأصل.
(٥) في الأصل: "واشتكى"، والمثبت من بقية النسخ، وهو الأولى.
(٦) وهو في الموطأ ١/ ٤٨٩ (١٠٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>