للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثٌ ثانٍ ليزيدَ بنِ خُصَيفة

مالكٌ (١)، عن يزيدَ بنِ خُصَيفة، أنَّ السائبَ بنَ يزيدَ أخبَره، أنه سَمِعَ سُفيانَ بنَ أبي زُهير - وهو من أزْدِ شَنُوءةَ من أصحابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم - وهو يحدِّثُ ناسًا معه عند بابِ المسجد فقال: سمِعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "مَنِ اقْتنَى كلبًا لا يُغْني عنه زَرْعًا ولا ضَرْعًا، نقَص من عمَلِه كلَّ يوم قِيْراطٌ". قال: أنتَ سمِعتَ هذا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: إي وربِّ هذا المسجد.

في هذا الحديثِ إباحةُ اتخاذِ الكلابِ للزَّرْع والماشية، وهو حديثٌ ثابتٌ، وقد ثبَت عنه أيضًا - صلى الله عليه وسلم - إباحةُ اتخاذِه للصيد، فحصَلت هذه الوجوهُ الثلاثةُ مُباحةً بالسُّنَّة الثابتة، وما عدَاها فداخلٌ في باب الحَظْر، وقد أوضَحنا ما في هذا الباب من المعاني في باب نافع من هذا الكتاب (٢)، والحمدُ لله.

قال أبو عُمر: احتجَّ بهذا الحديثِ ومثلِه مَن ذهَب إلى إجار بيعِ الكلبِ المُتَّخَذِ للزرعِ والماشيةِ والصيد؛ لأنه يُنتفَعُ به (٣) في ذلك. قال: وكلُّ ما يُنتفعُ به فجائزٌ شراؤُه وبيعُه، ويَلزمُ قاتلَه القيمةُ؛ لأنه أتْلَف منفعةَ أخيه.

وقد ذكَرْنا اختلافَ الفُقهاء في هذا الباب كلِّه أيضًا في بابِ ابنِ شهاب (٤)، عن أبي بكرِ بنِ عبد الرحمن، عن أبي مسعود: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عن ثمَنِ الكَلْب، ولا معنى لتكريرِ ذلك هاهنا.


(١) الموطّأ ٢/ ٥٦١ (٢٧٧٧).
(٢) وهو الحديث الثالث والثلاثون له، وهو في الموطأ ٢/ ٥٦١ (٢٧٧٨)، وقد سلف مع تمام تخريجه والكلام عليه في موضعه.
(٣) قفز نظر ناسخ الأصل وناسخ ي ٢ إلى "ينتفع به" الآتية فسقط عندهما ما بينهما، وهو ثابت في النسخ الأخرى.
(٤) وهو الحديث الأول له، وقد سلف في موضعه، وهو في الموطأ ٢/ ١٨٥ (١٩١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>