للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثٌ رابعٌ وثلاثُونَ لنافع، عن ابن عُمرَ

مالكٌ (١)، عن نافع، عن عبدِ الله بن عُمرَ: أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أمرَ بقَتْلِ الكِلابِ.

قال أبو عُمر: في أمرِ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بقَتْلِ الكِلابِ دَليلٌ على أنَّها لا تُؤكَلُ؛ لأنَّ ما يجُوزُ أكلُهُ لم يحِلَّ قَتلُهُ إذا كان مَقْدُورًا عليه وذُبِحَ أو نُحِرَ، فإن كان صَيْدًا مُتَمنِّعًا، حلَّ بالتَّسميةِ رَمْيُهُ وقتلُهُ كيف أمكنَ، ما دام مُتَمنِّعًا، ألا تَرَى إلى ما جاءَ عن عُمرَ وعُثمانَ، إذ ظهرَ في المدينةِ اللَّعِبُ بالحمام، والمُهارَشةُ بين الكِلابِ، أتَى الحديثُ عنهُما، بأنَّهُما أمرا بقتلِ الكِلابِ، وذَبْح الحمام؟ فَرَّقا بين ما يُؤكَلُ، وما لا يُؤكلُ.

قال الحسنُ البصريُّ: سَمِعتُ عُثمانَ بنَ عفّان يقولُ غيرَ مرَّةٍ في خُطبتِهِ: اقتُلُوا الكِلابَ، واذْبَحُوا الحمامَ (٢).

واختلَفتِ الآثارُ في قَتْلِ الكِلابِ، واختلَفَ العُلماءُ في ذلك أيضًا، فذهَبَ جماعةٌ من أهلِ العِلم إلى الأمرِ بقتلِ الكِلابِ كلِّها، إلّا ما وردَ الحديثُ بإباحَةِ اتِّخاذِهِ منها للصَّيدِ والماشيةِ، وللزَّرع أيضًا، وقالوا: واجِبٌ قَتْلُ الكِلابِ كلِّها، إلّا ما كان منها مخصُوصًا بالحديثِ، امتِثالًا لأمرِهِ - صلى الله عليه وسلم -. واحتجُّوا بحديثِ مالكٍ هذا وما كان مِثلَهُ، وبحديثِ ابن وهب، قال: أخبرني يونُسُ بن يزيدَ، عن ابن شِهاب، عن سالم بن عبدِ الله، عن أبيهِ، قال: سمِعتُ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - رافِعًا صَوْتَهُ يأمُرُ بقَتْلِ الكِلابِ، فكانتِ الكِلابُ تُقتلُ، إلّا كلبَ صَيدٍ أو ماشِية (٣).


(١) الموطأ ٢/ ٥٦٢ (٢٧٧٩).
(٢) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف (١٩٧٣٣)، والبخاري في الأدب المفرد (١٣٠١)، وعبد الله بن أحمد في زياداته على المسند ١/ ٥٤٣ (٥٢١) من طريق الحسن، به.
(٣) أخرجه ابن ماجة (٣٢٠٣)، والنسائي في المجتبى ٧/ ١٨٤، وفي الكبرى ٤/ ٤٦٤، ٤٦٥ (٤٧٧١)، وأبو عوانة (٥٣٠٣)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ٤/ ٥٣، ٥٥، من طريق ابن وهب، به. وأخرجه أحمد في مسنده ١٠/ ٣١٢ (٦١٧١)، ومسلم (٢٢٣) (١٢٩) عن ابن شهاب الزهري، به. وإسناده صحيح، وتقدم في ٦/ ٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>