للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثٌ ثالِثٌ لنُعَيم

مالكٌ (١)، عن نُعَيم بن عبدِ اللَّه المُجْمِرِ، عن عليِّ بن يحيى الزُّرَقِيِّ، عن أبيه، عن رِفاعةَ بن رافِع، أنَّهُ قال: كُنّا نُصلِّي يومًا وراءَ رسُولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلمّا رفعَ رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- رأسهُ من الرَّكْعةِ وقال: "سمِعَ اللَّه لمن حَمِدهُ"، قال رَجُلٌ وراءَهُ: ربَّنا ولكَ الحَمْدُ، حمدًا كثِيرًا طيِّبًا مُبارَكًا فيه. فلمّا انصرَفَ رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "منِ المُتكلِّمُ آنِفًا؟ " قال الرَّجُلُ: أنا يا رسُولَ اللَّه، فقال رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لقد رأيتُ بضعةً وثلاثِينَ مَلكًا يَبْتدِرُونها أيُّهُم يكتبها (٢) أوَّل".

في هذا الحديثِ من الفِقهِ: أنَّ الإمامَ يقولُ: سمِعَ اللَّه لمن حمِدهُ، لا يزِيدُ على ذلك، والمأمُومُ يقولُ (٣): ربَّنا ولكَ الحمدُ. لا يقولُ: سمِعَ اللَّه لمن حمِدهُ. وهذا كلُّهُ قولُ مالكٍ.

وقد مَضَى الاختِلافُ في هذه المسألةِ، ووُجُوهُ (٤) الأقوالِ فيها من جِهةِ الآثارِ، لأنَّها مَسْألةٌ مأخُوذةٌ من الأثَرِ، فيما تقدَّمَ من كِتابِنا هذا.

وفيه دليلٌ على أنَّهُ لا بأسَ برفع الصَّوتِ وراءَ الإمام بـ "ربَّنا ولكَ الحمدُ" لمن أرادَ الإسماعَ والإعلامَ للجماعةِ الكثِيرةِ بقولِهِ ذلك، لأنَّ الذِّكرَ كلَّهُ، من التَّحمِيدِ والتَّهليلِ والتَّكبِيرِ، جائزٌ في الصَّلاةِ، وليسَ بكلام تَفسُدُ به الصَّلاةُ، بل هُو محمُودٌ ممدُوحٌ فاعِلُهُ، بدليلِ حديثِ هذا البابِ.


(١) الموطأ ١/ ٢٩٠ - ٢٩١ (٥٦٥).
(٢) في م: "يكتبهن". ولفظه في الموطأ: "يكتبهن أولًا".
(٣) في د ٤: "يقتصر على".
(٤) في الأصل، م: "ووجوب"، خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>