للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثٌ خامس خمسين لنافع، عن ابن عُمرَ

مالكٌ (١)، عن نافع، عن ابن عُمرَ: أنَّ رسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- أناخَ بالبَطْحاءِ التي بذي الحُلَيفةِ، فصلَّى بها. قال نافعٌ: وكان عبدُ الله بن عُمرَ يَفْعلُ ذلك.

قال أبو عُمر: وهذا عندَ مالكٍ وغير من أهلِ العِلْم مُسْتَحَبٌّ مُسْتَحسَنٌ مرغُوبٌ فيه، كما يستحِبُّونَ أن لا يكونَ إهْلالُ المُحْرِم من ذي الحُلَيفةِ وغيرِها، إلّا بإثرِ صَلاةٍ؛ لأنَّ رسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- كذلك كان إحرامُهُ بإثرِ صَلاةٍ صلّاها يَومئذٍ.

وليس شيءٌ ملامِمّا في هذا الحديثِ من سُنَنِ الحجِّ، ومناسِكِهِ التي يجِبُ فيها على تارِكِها فِديةٌ، أو دمٌ عندَ أهلِ العِلم، ولكِنَّهُ حَسَنٌ كما ذكرتُ لكَ عندَ جَميعِهِم، إلّا ابن عُمرَ، فإنَّهُ جَعلهُ سُنَّةً.

وهذه البَطْحاءُ المذكُورةُ في هذا الحديثِ، يُعرِّفُها أهلُ المدينةِ بالمُعرَّسِ.

وقال مالكٌ في "المُوطَّأ" (٢): لا يَنْبغي لأحَدٍ أن يُجاوِزَ المُعرَّسَ إذا قفَلَ راجِعًا إلى المدينةِ حتّى يُصلِّي [فيه، وإن مرَّ به في غيرِ وَقْتِ صلاةٍ، فلْيقم حتّى تحلَّ الصَّلاةُ، ثمَّ يُصلِّي] (٣) بهِ ما بَدا لهُ؛ لأنَّهُ بَلَغني أنَّ رسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- عرَّسَ به.

وقال أبو حَنِيفةَ: من مرَّ بالمُعرَّسِ من ذي الحُلَيفةِ راجِعًا من مَكَّةَ، فإن أحَبَّ أن يُعرِّسَ به حتّى يُصلِّي فعَلَ، وليسَ عليه ذلك بواجِب (٤).

وقال محمدُ بن الحسنِ مُحتجًّا لهُ: بَلَغنا أنَّ رسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- عرَّسَ به، وأنَّ ابنَ عُمرَ أناخَ به. وليسَ ذلك عندَنا من الأمرِ الواجِب، إنَّما هُو مِثلُ المنازِلِ التي نزلَ بها رسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- من مَنازِلِ طريقِ مكَّةَ. وبَلَغنا أنًّ ابنَ عُمرَ كان يتَّبِعُ آثارهُ


(١) الموطأ ١/ ٥٤١ (١٢٠٤).
(٢) ١/ ٥٤١ (١٢٠٥).
(٣) ما بين الحاصرتين زيادة متعينة من الموطأ أخلّت بها النسخ.
(٤) انظر: طرح التثريب في شرح التقريب للعراقي ٥/ ١٥٦. وانظر فيه أيضًا ما بعده.

<<  <  ج: ص:  >  >>