للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثٌ سادِسٌ لعبدِ اللَّه بن أبي بكرٍ

مالكٌ (١)، عن عبدِ اللَّه بن أبي بكرٍ، عن عَمْرةَ بنتِ عبدِ الرَّحمنِ، أنَّ عائشةَ أُمَّ المُؤمِنينَ أخْبَرتها: أنَّ رسُولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان عندَها، وأنَّها سمِعَتْ صوتَ رَجُلٍ يَسْتأذِنُ في بيتِ حَفْصةَ، قالت عائشةُ: فقلتُ: يا رَسُولَ اللَّه هذا رجُلٌ يَسْتأذِنُ في بيتِكَ. فقال رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أُراهُ فُلانًا" -لعمِّ حَفْصةَ من الرَّضاعةِ- فقالت عائشةُ: يا رسُولَ اللَّه لو كان فُلانٌ حيًّا، لعمِّها من الرَّضاعةِ، دخَلَ عليَّ؟ فقال رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "نعَمْ، إنَّ الرَّضاعةَ تُحرِّمُ ما تُحرِّمُ الوِلادةُ".

قد مَضَى القولُ في معنى هذا الحديثِ، وما كان مِثلهُ، في بابِ ابنِ شِهاب، عن عُروةَ، فلا معنَى لإعادةِ ذلك هاهُنا.

وقد نَسَبْنا عمرةَ بنتَ عبدِ الرَّحمنِ فيما مَضَى أيضًا، من كِتابِنا هذا.

وأمّا قولُهُ في هذا الحديثِ: لعمِّ حَفْصةَ من الرَّضاعةِ. فإنَّهُ كان عمَّها؛ لأنَّهُ كان أخا عُمر بن الخطّابِ من الرَّضاعةِ، أرْضَعتهُما امرأةٌ واحِدةٌ، وليسَ كأفلحَ أخي أبي القُعَيسِ، عمِّ عائشةَ.

وقد ذكَرْنا كيفَ المعنى في قِصّةِ عائشةَ، مع أخي أبي القُعَيسِ، في بابِ ابنِ شِهاب، عن عُروةَ، فلا معنَى لتكريرِهِ هاهُنا.

وأمّا قولُهُ في هذا الحديثِ: "إنَّ الرَّضاعةَ تُحرِّمُ ما تُحرِّمُ الوِلادةُ" ففيه دليلٌ على أنَّ امرأةَ الابنِ من الرَّضاعةِ مُحرَّمةٌ.

فإن ظنَّ ظانٌّ، أنَّ في قولِ اللَّه عزَّ وجلَّ: {وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ} [النساء: ٢٣] دليلٌ على أنَّ الأبناءَ من الرَّضاعةِ، لا تُحرَّمُ


(١) الموطأ ٢/ ١١٩ (١٧٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>