حَلائلهُم على آبائهِم، فليسَ كما ظنَّ؛ لأنَّ هذه الآيةَ إنَّما نزلَتْ في حَلائلِ الأبناءِ من الأصلابِ، نفيًا للذينِ تَبنَّوا، ولم يكونُوا أبناءً، مِثل زيدِ بن حارِثةَ، إذ تبنّاهُ رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكان يُدعَى: زيد بن محمدٍ، حتّى نَزَلت:{ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ}[الأحزاب: ٥]، ثُمَّ نكحَ رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- امرأتهُ، بعدَ أن قَضَى زيدٌ منها وَطَرهُ وطلَّقها، فمعنى قولِهِ:{الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ} يُريدُ غير المُتَبنَّينَ.
وأمّا الرَّضاعةُ فلا، ألا تَرى إلى قولِ اللَّه عزَّ وجلَّ:{وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ}[النساء: ٢٣] بعد قولِهِ: {وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ}، أنَّهُ قد دخلَ فيه بإجماع المُسلِمينَ: الأُختانِ من الرَّضاعةِ، لِما بيَّنهُ رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في الرَّضاعةِ أنَّها تُحرِّمُ ما يُحرِّمُ النَّسبُ، فلو تزوَّجَ رجُل صَبِيَّتينِ رَضِيعتينِ، فجاءَتِ امرأةٌ، فأرْضَعتهُما، صارتا أُختَينِ بالرَّضاع، وحُرِّمتا عليه، واستأنفَ نِكاحَ أيَّتِهِما شاءَ.
فقِفْ على الأصلِ في هذا البابِ، وفي كلِّ بابٍ، تَعرِف به وجهَ الصَّوابِ.