للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثٌ حاديَ عشَر لابنِ شهابٍ، عن عُروةَ

مالكٌ (١)، عن ابنِ شهاب، عن عُروةَ، عن عائشةَ، أنها أخْبَرتْه، أنّ أفْلَحَ أخا أبي القُعَيسِ جاء يَستأذِنُ عليها - وهو عمُّها مِن الرَّضاعةِ - بعدَ أن نزَل الحجابُ. قالت: فأبَيتُ أن آذنَ له، فلمَّا جاء رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أخْبَرتُه بالذي صنَعتُ، فأمَرَني أن آذنَ له (٢).

قال أبو عُمر: في هذا الحديثِ دليلٌ على أن احتجابَ النساء مِن الرجالِ لم يكنْ في أوَّلِ الإسلام، وأنهم كانوا يَرون النساء، ولا يَستَترُ نساؤُهم عن رجالهم إلَّا بمثلِ ما كان يَستَترُ رجالُهم عن رجالهم، حتى نزَلتْ آيةُ (٣) الحجابِ. وكان سبَبَ نزولها فيما قال أهلُ العلم بالتفسيرِ والسِّير: أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - صنَع طعامًا في هداءِ زينبَ (٤) ودعا إليه أصحابَه، وذلك في بيتِ أمِّ سلَمةَ، فلمَّا أكلوا أطالوا الحديثَ، فجعَل النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يدخُلُ ويخرُجُ، ويَسْتَحي منهم، فأنزَل اللهُ عز وجل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى


(١) الموطّأ ٢/ ١٢٠ (١٧٦٤).
وأخرجه عن مالك: أبو مصعب الزُّهريُّ (١٧٣٧)، وعبد الرحمن بن القاسم (٣٩)، وسويد بن سعيد (٣٨٣)، والشافعي في مسنده ٢/ ٢٤، وعبد الرحمن بن مهدي عند أحمد في المسند ٤٢/ ٢٧٧ (٢٥٤٤٣)، وعبدُ الله بن يوسف التِّنِّيسيّ عند البخاري (٥١٠٣)، ويحيى بن يحيى النَّيسابوريّ عند مسلم (١٤٤٥) (٣)، وعبد الله بن مسلمة عند الجوهري في مسند الموطأ (١٧٠)، ومعنُ بن عيسى القزّاز عند النسائيّ في المجتبى (٣٣١٦)، وفي الكبرى ٥/ ٢٠٣ (٥٤٤٨)، وعبد الله بن وهب عند الدارقطني في سننه ٥/ ٣١٤ (٤٣٧٥)، ومصعب بن عبد الله الزُّبيري في حديثه (٧٣).
(٢) في الموطأ: "آذن له عليَّ".
(٣) في م: "آيات"، والمثبت من الأصل.
(٤) الهداء: الزفاف. وينظر: أساس البلاغة والمصباح المنير (هدي)، وإكمال الإعلام لابن مالك ٢/ ٦٩٩، وفيه قال: "والعروس إلى زوجها هداءً: زفّها".

<<  <  ج: ص:  >  >>